قال معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في محاضرته التي كانت بعنوان «فضل إصلاح ذات البين»: إذا كان البغي على إمام المسلمين وهو شق عصا الطاعة، بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما هو مذهب المعتزلة فهؤلاء بغاة يجب على ولي الأمر قتالهم، حتى يرتدعوا لكي لا يحصل سفك دماء ويحصل ضياع أمن، وتحصل جرائم، لأجل ذلك يجب قتال البغاة، فتعالج الأمور بالإصلاح أولًا فإن لم يجد الإصلاح، فبالقتال حتى يرد الباغي والمعتدي وإن كان مسلمًا. واكد أن الزوجين إذا حصل بينهما سوء تفاهم يجب أن يصلحا بينهما، فإذا لم يحصل الإصلاح بينهما من أنفسهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها ان يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما، وإذا لم يتمكنا من الإصلاح بينهما فإن القاضي ينظر في الأمر بين البقاء أو الفراق، وإذا رأى البقاء بينهما أصلح أبقى بينهما وإذا رأى الفراق بينهما أصلح فرق بينهما، مشيرا إلى أن الصلح بين المسلمين باب عظيم من أبواب هذا الدين العظيم الذي جاء لأجل التكاتف بين المسلمين والتعاضد والتآخي والترابط. وذكر أن من الإصلاح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، هذه الدعوة من الإصلاح يجب علينا أن نسعى للإصلاح دائمًا وابدًا، وأن نحذر من جند الشيطان من المنافقين، وهذه الأغراض السيئة خصوصًا كما حدثت هذه الوسائل الشيطانية تحرض المسلمين بعضهم على بعض ونسعى للإصلاح وأن ننهى عن تصديق هذه الشائعات، وعن تصديق هذه الأراجيف والأكاذيب فإنها من أعظم أنواع الإصلاح ولا نروجها، فهذه وسائل دس ووسائل شيطانية علينا أن نحذرها ونحذر منها. وأضاف: فلا أنساب تجمعهم ولا قرابة تجمعهم إنما الإيمان هو الذي يجمعهم على المحبة، وإذا حصل شيء من سوء التفاهم كالذي يسبب القطيعة أو يسبب التباعد بين القلوب فهنا يأتي دور الإصلاح ذات البين، والإصلاح ضد الإفساد، والمصلح هو الذي يسعى للجمع بين المتنافرين والمتباغضين والمتباعدين بين المسلمين، فهو يرأب الصدع ويؤلف بين الناس ويزيل الأحقاد وهذا له أجر عظيم، وبيّن أن الله أباح الكذب لإصلاح ذات البين، فالكذب محرم ولكن إذا كان فيه مصلحة راجحة يشرع ويأمر به لأجل الإصلاح، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين لنا فساد ذات البين حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: (فإن فساد ذات البين هو الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)، فالإصلاح بين المسلمين بين الناس له دور كبير في تلاحم المجتمع المؤمن وتراحمه وتناظره ولهذا يسعى المنافقون والمغتابون والنمامون يسعون بين المؤمنين للتفريق بينهم، لأنهم قد جندهم الشيطان لهذا الغرض فهم يحرثون بين المسلمين ينقلون النميمة يغتابون في المجالس من اجل أن يحدثوا التباغض بين المسلمين. بعد ذلك تحدث معاليه عن مجالات الإصلاح، فقال: إن للإصلاح مجالات كثيرة منها يبدأ من الصلح بين المؤمنين والكفار إذا استدعى الأمر هذا وذلك في حالتين، الأولى إذا كان المسلمون لهم مصلحة في التصالح مع عدوهم، كما حدث في صلح الحديبية بين المسلمين بقيادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين. والحالة الثانية إذا كان المسلمون أقوياء والكفار ضعفاء طلب الكفار الصلح من المسلمين والله جلا وعلا قال: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله انه هو السميع العليم} إما إذا لم يجنحوا فلا يجوز للمسلمين أن يصالحوهم. وأضاف: كذلك الإصلاح بين أفراد المسلمين فالمسلم يسعى بين الإصلاح دائمًا وابدا، فالصلح بين المسلمين باب عظيم من أبواب هذا الدين العظيم الذي جاء لأجل التكاتف بين المسلمين والتعاضد والتآخي والترابط. والصلح بين المتخاصمين عند القاضي إذا أراد متخاصمان أن يترافعا إلى القاضي تدخل بينهما احد المسلمين وأصلح ولم يحتاجا إلى التحاكم.