لا علاقة لمجتمعنا بالفنّ إن استثنينا المنتج الفنّيّ الأدبي كالشِّعْر .. وبعض المحاولات الجادّة في السنوات الأخيرة لإنتاج رواية سعوديّة ترتدي الثوب والشماغ لا البدلة وربطة العنق .. من قلب الصحراء لا من على ضِفاف شلالات نياجرا ومروج سويسرا وشوارع نيويورك ، لا مسرح جادّ ولا معاهد لتعليم الموسيقى ولا حفلات غنائيّة تقدّم الموسيقى للإنسان بشكلٍ راقٍ بدون أن تسبقها مشاكل وغالباً ما تنتهي إلى إلغائها ، لم نكن كذلك فيما مضى ، أبداً لم نكن كذلك ، كانت حفلات جدّة تستقطب الزوّار من خارج منطقة جدّة ومهرجانات عسير أشهر من نورٍ على علَم يحضرها الأشقّاء من الخليج ، لا أريد العودة كثيراً إلى حقبةٍ بعيدة لأنّ الوضع لا يُصدق فالحساسياّت كانت أقلّ والتعايش بين أطياف المجتمع في أوج ازدهاره وأينَع أزْهاره ، لا وجود لملامح التشدّد والكراهيّة في تلك المرحلة ، بعكس الآن ؛ فالآن وبالتفاتةٍ بسيطة لا وجود لأيّ حِراكٍ فنّي ، لا موسيقى ولا مسرح ولا دراما حقيقية .. حتى بعض الفنانين السعوديين هاجروا إلى خارج البلد ، ولنا أن نتساءل لماذا ؟! في المقابل تنظر لنا المؤسسات الفنيّة على أنّنا السوق الرئيس لأعمالها وآمالها ، وشركات التوزيع تؤكّد ذلك ، كل القنوات التي تهتمّ بالفن والموسيقى وأهل الطرب تحديداً مُلاّكها سعوديون ، وفنان العرب سعودي ! ، وأشهرالمقامات الموسيقية الشرقيّة وُلدت من أرضنا ، وأرضنا لم تعُد كذلك .. ففضلاً عن عدم احتفائها بأيّ موهبةٍ فنيّة لم تعد تسمح أصلاً بمجرد المحاولة ، أعرف أنّ للدين رأياً في الموسيقى تحديداً ولكنّي لا أعرف لماذا يُغلق هذا الباب بالضبة والمفتاح وكأنّنا نريد مجتمعاً من نسخةٍ واحدة ، وهذا ما لم ولن يحدث أبداً ، ما ذنب المسرح والسينما ؟! ما المانع أن نفتح الباب للمحترم من الفنّ وننبذ الإسفاف ونحارب الرّديء ، فالفن قيمةٌ جماليّة والجمال قيمةٌ إنسانيّة ، تهذّب الذائقة والروح وتجعل من الإنسان أكثر تحضّراً ، يقول ابن خلدون : « إنّ الأمم تندثر وتتجه للفناء بقَدْر ما تهمل أو تتخلّى عن فنونها « ! ، ما أكثر ما أستحضر هذه العبارة كلّما حضرت حفل زواجٍ بلا أيّ مظهر فرح لا سامري ولا عرضة ولا .. « يفرحون « ! ؛ .. أو رأيت منظراً جمالياً يقف شامخاً على مدخل إحدى مدننا في دوّار عبارة عن « نجر أو دلّة « أو أيّ شيءٍ آخر من المعاميل ! [email protected]