سمعت عن هذا الرجل، وعجيب ما صنع، فقررت السفر إليه، لمقابلته شخصياً . سافرت إلى فرنسا، والتقيت به خصيصاً في مقهى شهير أمام العلامة البارزة وسط (ميدان الباستيل). إنه الأستاذ: رشيد نقاز فمن هو يا ترى ؟ إنه رجل عربي مسلم، جزائري الأصل، فرنسي المولد والجنسية. عمل في تجارة البناء، إلى أن صار صاحب ملايين، ورجل تأثير في الساحة، حتى إنه رشح نفسه للرئاسة عام 2007م. لا يُصنف الرجل بأنه من تيار الإسلاميين، بل من تيار المنفتحين، وزوجته أمريكية كاثوليكية، ولكنه مع ذلك مقتنع بالإسلام ودعوته للحرية والكرامة والحقوق. وجد (رشيد نقاز) أن المسلمات المنقبات يتعرضن للمضايقات الأمنية في فرنسا، رغم أن أصول كثيرٍ منهن فرنسية! بدأ (أ.رشيد) بإنشاء مؤسسة رسمية للدفاع عن الحقوق. في اللقاء حدثني ضيفي عن سبب هذه المؤسسة التي أنشأها وأنها تهدف إلى إعادة حق المرأة المسلمة في لبس النقاب، والتكفل بالتعويض المالي للمخالفة حين لبسه، ورصد مبلغ مليون ونصف يورو لهذا الغرض في المرحلة الأولى، أي ما يعادل (ثمانية ملايين ريال سعودي)!. وحرص (نقاز) في فلسفته التوجه للرأي العام للحديث عن حرية المرأة المسلمة وحقها في العيش والاختيار، وتغطية التكلفة المالية، مما يعني سد الثغرة القانونية. ومضى في طريقه حتى تعرَّض لضغوطات شديدة، كالتهديد المستمر بالقتل، إلى التحقيقات المتواصلة، مروراً بالسجن لعدة أيام، وختاماً بسحب جواز السفر، ووثيقة البطاقة، مع إعطائه كرتاً لإثبات هويته، لحين قرار المحكمة بشأنه!. ويروي لي (أ.رشيد) أنه لا يكاد يمر يوم حتى تتصل جهات رسمية، وعسكرية، ونقابية، لثنيه عن قراره في دعم المنقبات، والمطالبة بحقهن في الاختيار. وقد مرت قصص كثيرة لا ينساها، آخرها إيقاف الشرطة لامرأة مسلمة - فرنسية الأصل- متنقبة، أمروها بركوب سيارة الشرطة، ثم أنزلوها بقوة في إحدى الشوارع، وكانت امرأة معاقة!. ولذا يؤكد (أ.رشيد) أن فرنسا الحرية ما هي إلا مصالح ودولة حسابات خاصة. ورغم كل هذه المضايقات لرجل مقتدر، وصاحب علاقات متشابكة إلا أنه واصل دعمه لذات الشأن (دعم المنقبات) إلى بلجيكا، التي يُعتبر من ألد خصومها القانونيين، مما اضطرهم إلى رفع غرامة لبس النقاب من (100 يورو) إلى (250 يورو)، ورغم ذلك لا يزال (أ.رشيد) يدفع كامل التكاليف. والعجيب أن مؤسسة مضادة في بلجيكا، دعت المواطنين عبر رقم موحد لإبلاغ الشرطة عن أي امرأة تلبس النقاب، وسموها كما سمعوا في الإعلام (سلفيَّة)!!. قد يظن البعض أن مثل مسألة النقاب من المسائل الثانوية مقابل المسائل الكبرى في الأمة، ونقول: إن كانت في ظننا ثانوية، فلماذا الحرب عليها، وإصدار القوانين المجحفة بحقها، ومواصلة كلام كبار رؤساء الدول للحديث عنها؟. القضية في المآل قضية هوية لا أكثر. [email protected]