أوجد الإعلام الجديد بكافة وسائله وشبكاته الاجتماعية مفهومًا حديثًا، بدأت تتشكّل أفكاره وتصوراته بين أبناء المجتمع السعودي، هو: مفهوم المواطنة. المواطنة أحد أهم أعمدة الديمقراطية الغائبة في جل بلدان المنطقة العربية، والقضية الأساسية في أي مشروع نهضوي للشعوب الطامحة إلى النور. ويلاحظ أن تلك الشبكات الاجتماعية تقوم بنشاط غير عادي مع كل حدثٍ محليٍّ بارزٍ، حيث تحمل وابلاً غزيرًا من الرسائل التفاعلية حول تداعيات ذلك الحدث، أو حول تأثيراته على حياة المواطنين، أو حول الحق في المشاركة، وإبداء الرأي..، إلى آخر ذلك من لغة الطرح التي بدأ مجتمعنا الحديث يعتاد عليها، والتي تُشكّل في مجملها الثقافة الجديدة: ثقافة المواطنة. ولا شك أنّ انضمام كثير من المثقفين، والمسؤولين، وأساتذة الجامعات، إلى الشبكات الاجتماعية (تويتر، فيس بوك، يوتيوب..) ساهم في توسيع هامش هذه الثقافة، والتربية على مفاهيم جديدة، منها: المواطنة، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني. وأصبح المستخدم العادي يستخدمها في خطابه الجديد من خلال الرسائل الكثيرة التي يرسلها عبر تلك الشبكات مطالبًا بحقوقه الغائبة. لن يتحقق الانتشار المعقول للإعلام الجديد إذا كانت المجتمعات غير قادرة على الوصول إلى المعلومات، أو كانت أفرادها مهددة بالإيقاف أو المنع عندما يعبرون عن آرائهم. ولذا كانت عبارة السياسي والفيلسوف توماس جيفرسون مؤسسة لهذا المنهج الذي ينبغي إتباعه إذ يقول: "لا أعرف مستودعًا آمنًا للسلطات المطلقة للمجتمع غير الناس أنفسهم، وإذا كنا نظن أن الناس ليسوا مستنيرين بما يكفي لممارسة هذه السيطرة برجاحة عقل كاملة، فإن العلاج لا يكون بأن نسلب منهم هذه السيطرة، وإنما يكون العلاج بأن يتعلموا التعقل وحرية التصرف". يجب أن ينطلق مفهوم المواطنة في وسائل الإعلام الجديد من دراية أفراد المجتمع السعودي ومعرفتهم بهذه الوسائل، وتأثيرها في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية. وهذا لن يحدث ما لم تتطور مناهج التعليم (العام والجامعي)، وحتى يصبح المواطنون كائنات متعقلة أكثر نشاطًا وتعبيرًا. لقد جاء الإعلام الجديد وجاء معه كل شيء: مفهوم المواطنة، العدل والمساواة، صياغة الاقتراح، قيم الحرية والتضامن، الاحترام المتبادل، الكرامة المستحقة للإنسان. وفي ظل هذه الممارسات الجديدة، وحدها الشبكات الاجتماعية قادرة على التغيير.