بعد مرور أكثر من عام على الصراع الدموي العنيف الذي يدور في سوريا بين الجيش من ناحية، وبين الذراع العسكري للمجلس الوطني السوري ( الجيش الحر ) من ناحية أخرى، تتجاهل وسائل الإعلام قضية النازحين السوريين الذين وصل عددهم لعشرات الآلاف. وسائل الإعلام، والخطاب الرسمي للقوى الفاعلة على الساحة السورية، والمناقشات التي تدور في الأممالمتحدة، ومشاريع القرارات التي يتم طبخها في مجلس الأمن، لا تبدو جميعا معنية بالشأن الإنساني للأزمة السورية. حتى من يتحدثون باسم الشعب السوري ولا يكفون عن الإشارة لآلامه ومعاناته الناتجة عن هذا الصراع المسلح الخطير، لم يقوموا باتخاذ خطوات عملية لمساعدة عشرات الآلاف من النازحين السوريين في كل من تركيا ولبنان. وهو ما اعترف به عبد الباسط سيدا الرئيس الجديد للمجلس الوطني السوري في المؤتمر الصحفي الافتتاحي الذي عقده بحضور الدكتور برهان غليون، بعد أن قدم الأخير استقالته من رئاسة المجلس. حتى الآن فإن الشعب السوري هو الطرف الوحيد الذي يدفع فاتورة الصراع المسلح. النظام لم يخسر كثيرا ولم يدخل دائرة الخطر بعد كل هذا الوقت، وبعد كل هذه الدماء، وبعد المواجهة الدبلوماسية الشرسة التي يخوضها على أكثر من جبهة. والمجلس الوطني هو الآخر لم يسدد ولو قسطاً بسيطاً من فاتورة الصراع الدامي، لأن أعضاءه يقيمون في تركيا بعيدا عن كل أشكال المخاطر. الشعب وحده هو من يدفع الثمن الباهظ والفاتورة المكلفة. والشعب يدفع الثمن من الأرواح والأمن والاستقرار. وبين كل المآسي التي يعانيها الشعب، تبقى مأساة النزوح هي الأقل حظا من الاهتمام، سواء فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية أو بالموقف الدولي المواكب لتطورات الأحداث في سوريا. قضية النازحين يجب مناقشتها في الأممالمتحدة ومن قبل الدول الفاعلة على الساحة السورية، على حد سواء. النازحون ليست لهم علاقة بالصراع في أغلب الأحوال، وتوفير ظروف المعيشة اللائقة ببني البشر لهؤلاء المواطنين الذين فروا مما يجري، هو مسؤولية الجميع، وهي مسؤولية ما يسمى بالمجتمع الدولي قبل أي أحد آخر. يجب ألا يستمر تجاهل معاناة النازحين أكثر من ذلك. [email protected]