الموت حق ، وفقد الرجال الكبار ثُلمة ، تبكي عليها الأنفس الحرّة حزناً وألماً ، ويوم أمس الأول ووري الثرى ولي عهد المسلمين في هذه البلاد ، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز- رحمه الله تعالى - بعد حياة حافلة بالمآثر متوجّة بالعطاء ، وتجلّى ذلك في أمرين: أولهما: أنه كان المقدّم في كل شأن له عناية بالإنسان فهو رجل الأمن الأول ، وفي ذلك بقاء للأرواح ، وهو الرئيس لشتى اللجان والهيئات الإغاثية وفي ذلك عون كبير للفقراء والبؤساء في كل بقاع الأرض ، وهو رئيس لجنة الحج العليا وفي ذلك إعانة للمسلم على حجه وأداء نسكه . وقبل ذلك كله: هو وزير الداخلية ، فأمراء المناطق يفيئون إليه ، وفي ذلك ما يجعله قادرًا على القيام برسالته نحو المواطن السعودي ، وقد نفع الله بالأمير نايف رحمه الله في هذه المواطن كلها أمنًا وإغاثة وحجًا ومواطنة ، وتتجلّى مآثره في تبنّيه مناصحة من ضلّت بهم السّبل ،وسلكوا طرائق الإفساد ، فجمع بين الرحمة والعزم ، وقليل من يجمع بينهما . والآخر من تلك المآثر : حرصه على نشر السنة وعنايته بحفظ الناشئة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاتخذ من ماله وقفًا لتحقيق تلك الغاية النبيلة ، ومن دار الهجرة مقرًا، فطابت الجائزة مكانة ومكانًا ، وحرص في كل عام إلاً أن يرعى حصادها ، ويكرّم رجالها ، فقد علم -رحمه الله - أن من أعظم المآثر إجلال السّنة وأهلها ، وكفى بذلك في الدنيا ذكرًا وفخرًا ، وكفى به في الآخرة ثوابًا وأجرًا . ومضى نايف بن عبدالعزيز إلى ربه تحمله القلوب قبل الأعناق ، ويبكيه العباد والبلاد. خطبٌ جليلٌ ومصاب أليم برحيل رجل الدولة ، وعنوان المسؤوليات الكبار ، فرحم الله نايف بن عبدالعزيز رحمة الصالحين الأبرار ، وعظم الله أجر الجميع وفي مقدمتهم الوالد الكريم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعظم الله أجر أبناء الفقيد وبناته وأسبغ عليهم من رباط الصبر ما ينالون به فضل الله وأجره ومرضاته . (إنّا لله وإنّا إليه راجعون)