376% نموا بنشاط التخليص الجمركي    مخاوف الحرب التجارية العالمية تهبط بسوق الأسهم    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في القمة العربية    التعاون يعود بتعادل ثمين أمام تراكتور في ذهاب أبطال آسيا 2    الأهلي يضرب بالثلاثة ويضع قدماً في ربع النهائي    انطلاق موسم القادسية الرمضاني.. وجوائز مالية ضخمة تنتظر الفائزين    ديربي مدريد «ملكي»    الهلال يسقط في آسيا بعد صمود 321 يومًا    محافظ الأحساء يستقبل مدير مرور المنطقة الشرقية    محافظ الخرج يستقبل رئيس جمعية العناية بالمساجد وعمارتها "اهتمام"    دعم كامل لقرارات «قمة فلسطين» ورفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه    ضعف المحافظة بسبب هؤلاء!    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    دعم عربي للدولة الفلسطينية ورفض التهجير    لجنة الانضباط ترفض احتجاج الوحدة وتغرم مدربه بعد مباراة النصر    التعاون يتعادل والحسم في القصيم    أوكرانيا في مأزق بعد تعليق المساعدات الأمريكية    لجنة وطنية للتمور بمقر غرفة القصيم    «سلمان للإغاثة» يوزع 450 سلة غذائية في عدة مدن بمحافظة جاوة الوسطى في إندونيسيا    رئيس غرفة الطائف: فعاليات وبطولات عربية وعالمية ترفع اقتصاد الطائف 400%    طارق طلبة مديراً لمكتب «عكاظ» بالقاهرة    القمة العربية رفض التهجير والتزام بالإعمار    الفلسفة في ظل التحولات قصة إعمار وإلهام وطنية    الغول والكحول يؤكدان أن الفصحى لا تتطور    سفرة رمضانية في مناوبة ليلية    سفارة المملكة في السويد تقيم حفل إفطار رمضاني    العنزي مشرفاً على الاقتصاد الكلي في وزارة المالية    أمير منطقة الرياض يقلّد مساعد مدير مرور المنطقة رتبته الجديدة    أوروبا في مواجهة التحدي الأمني.. هل آن أوان الفطام عن واشنطن؟    اللحظة الوجودية للقضية الفلسطينية    الكهولة وزمن النادبات    أيها الشباب: هرولوا نحو هاوي    الحقيقة !    التسامح.. سمة سعودية !    «الشؤون الإسلامية» تقيم مأدبة إفطار للصائمين بالجبل الأسود    أول لقاء بين السيسي وأحمد الشرع    سماء العُلا يعود في أبريل    فعاليات ثقافية في جدة التاريخية    القبض على إثيوبي في جازان لترويجه مواد مخدرة    البشوت النسائية تدخل عالم الموضة وتنافس الرجالية    أحياء المدينة تستعيد تقاليدها الرمضانية    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    سعود بن نايف يستقبل المهنئين في رمضان.. ويطلع على أعمال "الذوق العام"    أمير الرياض: جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن عظيمة في مضمونها ومنهجها وفي عملها    أمير المدينة المنورة: منظومة متكاملة لخدمة المصلين والزوار    سعود بن نهار يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية في الطائف الإفطار الرمضاني    تجمع الرياض يطلق حملة "صم بصحة"    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    تغريم مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    قال «معارض سعودي» قال !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب شلومو ساند الجديد: أرض إسرائيل: اصطلاح مختلق..
نشر في المدينة يوم 08 - 06 - 2012

بعد كتابه الأول «الشعب اليهودي شعب مختلق» الذي أثار ضجة وردود فعل غاضبة في الأوساط الصهيونية العالمية، خاصة في الولايات المتحدة، أصدر المؤرخ الإسرائيلي البروفيسور شلومو ساند (أو زاند بالعبرية) كتابًا جديدًا بعنوان «أرض إسرائيل اصطلاح مختلق» اتبع فيه نفس منهجه في كتابه الأول لإثبات فرضيته بأنه كما لا يوجد شعب يهودي، وأن المصطلح من أساسه مختلق، فإنه لا يوجد بالتالي أرض لهذا الشعب، أي أن مقولة أرض إسرائيل «إيرتز إسرائيل» هي الأخرى اختراع صهيوني. يبحث المؤلف في كتابه الجديد العلاقة بين الحركة الصهيونية بالأرض (الفلسطينية) منذ البداية، وكيف تبنت مقولة الحق التاريخي وبنت عليها أسطورة وذاكرة الشعب اليهودي القديم والآباء العبرانيين الذين سكنوا مملكة يهودا في زمن الهيكل الأول والثاني.
الكتاب صدر الشهر الماضي باللغة العبرية، ولم تصدر ترجمة له بالإنجليزية بعد، لذا فقد استعنا في عرضه بالملخص الذي أعده الصحفي والمصور الإسرائيلي يوسي جورفيتز الذي يعتبره كتابًا مهمًا، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعتمدون في معرفة التاريخ اليهودي على مصادر صهيونية، ويلاحظ أن المؤلف لا يعطي رأيه الخاص فيما جرى، وإنما يصف ما جرى بالفعل على أرض الواقع، حيث يعتبر أن اليهودية الحاخامية التي أسسها اليهود الفريسيون على إثر تدمير الرومان للهيكل الثاني ظلت تدعو إلى عدم توجه اليهود إلى فلسطين، وكانت تحظر عليهم زيارة القدس حتى جاءت الصهيونية في العصر الحديث التي عارضها كل من الحاخامات الأرثوذكس والإصلاحيين لعلمانيتها وعدم اختلافها عن الحركات القومية التي سادت في أوروبا الشرقية في ذلك الوقت.
فكرتان مكملتان لبعضهما البعض
في كتابه الأول سلط ساند الضوء على يهود شرق أوروبا الذين يشكلون الآن الجزء الأكبر من الإسرائيليين، ويذكر بأنهم تهودوا في القرن السابع الميلادي وأنهم لا يمتون بطبيعة الحال بأي صلة لبني إسرائيل، وهو ما يناقض ما جاء في وثيقة استقلال إسرائيل التي نصت على أن الشعب اليهودي عاش على أرض إسرائيل التي تبلورت فيها شخصيته الروحية والدينية والسياسية، وفيها عاش حياة سياسية وأنتج ثقافة وطنية وإنسانية وأورث للعالم كله الكتاب المقدس .
وأوضح ساند في ذلك الكتاب كيف قادت الأيديولوجية الصهيونية مشروع النزعة القومية اليهودية من خلال تحويل اليهودية إلى شيء شبيه بالقومية الألمانية نافيًا وجود شعب يهودي ومعتبرا أن ذلك لا يعدو كونه «أسطورة» قامت عليها دولة إسرائيل، كما أثبت ساند خطأ مقولة «الشعب اليهودي» من خلال تأكيده على أن تدمير الرومان للهيكل الثاني لم يؤد خلافًا لما يذهب إليه البعض- إلى نفي الرومان لهم، فالرومان لم يثبت عنهم نفيهم لشعوب بأكملها، إلى جانب أن اليهود كانوا موجودين في ذلك الوقت في مجتمعات أخرى في فارس ومصر وآسيا الصغرى وأماكن أخرى بأعداد كبيرة، وهو ما يعني بطلان تلك المقولة من أساسها.
سرقة التاريخ
في نقاشه لكيفية تبلور مصطلح «أرض إسرائيل» يثير المؤلف عددًا من الأسئلة تدور حول كيفية تحول الأرض (الفلسطينية) إلى وطن قومي لليهود يبدي فيه الناس استعدادهم للتضحية بأنفسهم من أجله، ويبرز السؤال الأهم: هل أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي؟.. يجيب الكاتب عن هذا السؤال بالنفي معتبرًا أن الصهيونية سرقت المصطلح الديني «أرض إسرائيل» وحولته إلى مصطلح جيوسياسي مؤكدًا على أن أرض إسرائيل ليست وطن اليهود، وأنها تحولت إلى وطنهم فقط في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مع نشوء الحركة الصهيونية التي دعت إلى تلك المقولة، وهو يستشهد بذلك بالفيلسوف اليهودي فيلو (20 ق.م.- 50م) وقوله إن اليهود لم يعتبروا القدس أو يهودا وطنهم، وحيث كان ذلك أمرًا اعتياديًا لأنهم لم يولدوا هناك ولم يكونوا يفكرون في (إيل) أي القدس- على الإطلاق، أو يقومون بالحج إليها، ولم يرسلوا حتى مبعوثين عنهم في فترة الحج نيابة عنهم، ليس ذلك فحسب، بل إنهم لم ينظروا قط إلى القدس باعتبارها مركزا سياسيا أو عاصمة سياسية لهم، وعندما تعرضت القدس إلى العصيان المسلح الذي قام به بعض اليهود ضد الحكم الروماني في العام 66 م ثم فيما بعد عام 132م، فإنها لم تتلق أي دعم من بقية اليهود في الأماكن الأخرى، وهو ما أدى إلى أن يفقد الكهنة الصدوقيون نفوذهم ولكن الفريسيين مهدوا الأرضية جيدًا كي يكون لكل طائفة يهودية هيكلها الخاص بها (الكنيس- أو المعبد اليهودي synagogue).
فك ارتباط اليهود بالقدس
يذكر ساند أن اليهود الفريسيين الذين سيعرفون فيما بعد باليهود الحاخاميين أبرموا اتفاقية معيبة بعد دمار الهيكل مع أسيادهم الرومان تتلخص في أن يساعدهم الرومان في أن يتسيدوا على اليهود وأن يكون الملك من أحفاد هيليل الكبير، وتلخص دورهم في الصفقة في العمل على ترويض (القومية اليهودية) وفي سبيلهم لإتمام تلك الصفقة حولوا المسيح (عليه السلام) من محارب شجاع في نشر دعوته إلى كائن فوق بشري (سوبرمان)، وذلك لتجنب سوء الحظ بأن يروه يعود من جديد، حيث جرى الاعتقاد عندهم بأن المسيح سيعود مرة أخرى لإعادة العالم إلى ما كان عليه قبل ظهور عهد الحاخاميين: الهيكل، والقرابين، والكهنة كما كانوا في عهدهم الأول، وهو ما لم يكن يوده الفريسيون أن يحدث لأنه يهدد مصالحهم وامتيازاتهم، وكجزء من مهمتهم في عملية ترويض القومية اليهودية التزم الفريسيون بثلاثة عهود، الأول الامتناع عن السكن في إيل (القدس) بأعداد كبيرة، والثاني عدم التمرد ضد الأمم، والثالث ألا يستعبدوا بني جلدتهم (باعتبارهم الرؤساء الدينيين). وهكذا أهملت اليهودية الحاخامية ممثلة بالفريسيين القدس التي تركوها وراء ظهورهم. وهكذا وبينما كانت جحافل الحجاج المسيحيين يقصدون (إيل) للحج، كانت أعداد اليهود الذين كان يفترض أن يتوجهوا بزياراتهم إلى تلك الأرض المقدسة ضئيلة للغاية.
بداية التحول
اعتبر ساند أن ظهور النزعات القومية في أوروبا أسوأها في أوروبا الشرقية - كانت سببًا رئيسًا في هجرة أعداد كبيرة من اليهود الذين كانوا في كثير من الأحيان كبش فداء، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فيما أن أعدادًا أخرى ممن تبقوا في تلك الدول إما انضموا أو شكلوا حركات وأحزابًا شيوعية، أو أصبحوا أكثر تطرفًا وأمكن أيضًا تمييز فئة قليلة أسست الحركة الصهيونية التي رفضها وواجهها غالبية الحاخامات الأرثوذكس والإصلاحيين- بموجة من الغضب، فقد رأوا أولًا كيف يمكن للصهيونية أن تحول اليهودية إلى بدعة قومية لا تختلف بكثير أو قليل عن الحركات القومية التي اعترت أوروبا الشرقية في ذلك الوقت، وثانيًا لأنه يمكن اعتبار الصهيونية والنازية وجهين لعملة واحدة، فكلاهما يقبلان بالفرضية بأن لا مكان لليهود في أوروبا وأنه يتعين عليهم العودة إلى «وطنهم القومي»، هذا المنطق الأعوج الذي يمكن وضعه في إطار ما يمكن تسميته ب (القومية الدينية)، إنما جسد حقيقة الأطماع الصهيونية.
ويسخر المؤلف من الطريفة التي استطاعت بها الصهيونية تطوير أيديولوجيتها حول مقولة «أرض إسرائيل» التي تعتبر سلاحًا لها يمكنها ليس فقط من الاستيلاء على أرض فلسطين التاريخية، وإنما الاستيلاء على أرض تمتد فيها حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.