«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لصهيونية والهيكل المزعوم
نشر في شبرقة يوم 09 - 05 - 2008

رغم أن حقائق التاريخ تؤكد أن فلسطين عربية وشعبها هو شعب عربي مسلماً كان أو مسيحياً ، إلا أن الحركة الصهيونية الاستعمارية طالما زعمت أنها أرض الأجداد وكانت قصة الهيكل المزعوم هى الذريعة التي استغلتها لاحتلال فلسطين وتسويق أهدافها التوسعية ، ولذا لا مناص من إعادة قراءة التاريخ لفضح مزاعم إسرائيل ، حيث أنه يوجد ما يشبه الاجماع بين المؤرخين على أن اليهود لم يكن لهم كيان سياسي إلا لمدة 70 عاما وهي المدة التي تولى فيها نبيا الله داود وسليمان عليهما السلام الملك في الفترة من سنة 1000 ق.م حتى سنة 928 ق.م،
في حين بقيت فلسطين عربية إسلامية منذ الفتح الإسلامي لها في القرن السابع الميلادي وحتى الآن، والفترة القصيرة التي كون فيها اليهود مملكتهم لاتخول لهم سندا تاريخا للمطالبة بفلسطين.
وفي هذا الصدد ، يقول المفكر المصري الراحل الدكتور عصمت سيف الدولة في كتابه عن العروبة والإسلام إن التاريخ والحقيقة يقولان إن اليهود ليسوا قومية، بل ديانة تسرب منها كثير من أتباعها عبر الزمن، كذلك اليهود ليسوا عرقاً أو سلالة، بل هم أخلاط عرقية كما أن التاريخ يقول إن الأمة هى مجتمع ذو حضارة متميزة وشعب معين مستقر على أرض خاصة مشتركة تكون نتيجة تطور تاريخي مشترك والأمة أيضا تتميز بوحدة العلاقة القومية والتي لاتتناقض مع وحدة العلاقة الدينية، بمعنى أن وجود الأمة العربية كهوية قومية لا يتناقض مع انتمائها إلى الإسلام كعقيدة دينية، وهكذا الأمر بالنسبة إلى أمم مثل الأمة الإيرانية أو الأمة التركية ولاننسى أيضا الأمم الغربية مثل الأمة الانجليزية والألمانية والإيطالية، فهذه الأمم تؤمن بالعقيدة المسيحية من دون أن يتعارض ذلك مع انتمائها القومي ، وهذا بعكس ما هو حاصل في المزاعم الصهيونية.
وتلك طائفة لأهم الكتابات التي سلطت الضوء على الحقيقة السابقة ، ففي كتاب إسرائيلي بعنوان "متى وكيف اخُترع الشعب اليهودي؟" طرح المؤلف شلومو زند، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة تل أبيب، عدة تساؤلات منها " متى وُجد الشعب اليهودي، هل بالتزامن مع نزول التوراة في سيناء، أم مع احتلال بني إسرائيل لأرض كنعان بعد خروجهم من مصر ، أم بجرة قلم بضعة مؤرخين يهود من القرن التاسع عشر تصدوا في ظل تبلور الحركات القومية لمهمة اختراع هذا الشعب، هل تم تهجير سكان "ملكوت يهودا بالتزامن مع دمار الهيكل الثاني في سنة 70 ميلادية، أم أن ذلك كان أسطورة مسيحية تسربت إلى التقاليد اليهودية وجرى استنساخها بقوة داخل الفكرة الصهيونية؟ هل اعتنقت مملكة الخزر الغامضة الديانة اليهودية فعلاً؟ وكيف تكونت الجاليات اليهودية في أقطار أوروبا الشرقية؟ هل اليهود هم "شعب عرقي" ذو جينات خصوصية؟ أم أن سبب الحديث عن الجينات اليهودية الخاصة هو انعدام ذاكرة شعبية واحدة أو تاريخ مشترك موثوق فيه يكفي بصورة بليغة لإرساء دعائم هوية يهودية جماعية؟ ما الذي يختبئ وراء مصطلح دولة الشعب اليهودي ؟".
وكانت الإجابة وفقا للمؤرخ الإسرائيلي أن الرواية الصهيونية القائلة ، إن الشعب اليهودي قائم منذ نزول التوراة في سيناء وأنه هو الذي خرج من مصر واحتل أرض فلسطين واستوطن فيها لكونها الأرض الموعودة من قبل الرب، وأقام من ثم مملكتي داود وسليمان وبعد ذلك انقسم على نفسه وأنشأ مملكة يهودا ومملكة إسرائيل، ثم سرعان ما تشرد نحو ألفي عام إلا أنه لم يذب في الشعوب التي عاش بينها ، هي رواية غير موثوق فيها ولم يكن لها أي أنصار حتى نهاية القرن التاسع عشر، مؤكدا أن الحركة الصهيونية هي التي اخترعت فكرة "الشعب اليهودي الواحد" بهدف اختلاق قومية جديدة، وبهدف شحنها بغايات استعمار فلسطين.
ولم تقف المفاجأة عن هذا الحد بل إنه أشار إلى أن تراكم اليهود في إسرائيل لم يكن بصورة تلقائية، وإنما حدث ذلك بفعل فاعل منذ نهاية القرن التاسع عشر، وكان ذلك عبر إعادة كتابة الماضي اليهودي على يد كتاب أكفاء عكفوا على تجميع شظايا ذاكرة يهودية مسيحية واستعانوا بخيالهم المجنح كي يختلقوا بواسطتها شجرة أنساب متسلسلة ل"الشعب اليهودي" ، وترتب على ذلك ظهور مزاعم أن فلسطين تخص الشعب اليهودي فقط وليس العرب الذين أتوا إليها بطريق الصدفة ولا تاريخ لهم، وبالتالي فإن حروب إسرائيل لاحتلال فلسطين وحمايتها من كيد "الأعداء" هي حروب عادلة بالمطلق، أما مقاومة السكان المحليين فإنها إجرامية وتبرر ما ارتكب ويُرتكب بحقهم من آثام وشرور مهما تبلغ فظاعتها وكلها أمور عارية من الصحة بحسب المؤلف الذي شكل كتابه ضربة قاسية للمزاعم الصهيونية التضليلية .
يهود الخزر
وبجانب ما سبق ، هناك دراسات أخرى تؤكد أن أكثر يهود اليوم ليسوا من نسل يعقوب عليه السلام، كما أن كثيرا من الإسرائيليين ليسوا يهودًا ، وبداية يجب الإشارة إلى أن لفظة "إسرائيل" في القرآن الكريم وفي الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى تطلق على نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام وأما سبب تسميته إسرائيل، فهناك اختلاف على تفسيرها بين التوراتيين والمصادر العربية ، فهى عند التوراتيين تعني القوي بالله، أو الغالب بالله، ومعنى الكلمة الحرفي هو:الذي يصارع إيل "الإله"؛ لأن الكلمة مكونة من مقطعين:"إسر": من الفعل "سره" بمعنى:يتعارك أو يتصارع، "إيل": وهو بمعنى الإله ، وجاء في التوراة "وبقي يعقوب وحده ، فصارعه رجل حتى طلوع الفجر، ولما رأى أنه لا يقوى على يعقوب في هذا الصراع ، ضرب حُقَّ وركِه فانخلع، وقال ليعقوب: طلع الفجر فاتركني، فقال يعقوب:لا أتركك حتى تباركني، فقال الرجل:ما اسمك؟ قال:اسمي يعقوب، فقال:لا يُدعى اسمك يعقوب بعد الآن بل إسرائيل ، لأنك غالبت الله والناس وغلبتَ" ، (سفر التكوين:25-29: 32) ، وهذا الرجل الذي غلبه يعقوبُ عليه السلام هو الله عز وجل كما يزعم اليهود.
أما معنى إسرائيل في المصادر العربية فهى تعني عبد الله، أو صفوة الله ، وبصفة عامة تطلق لفظة "إسرائيل" في القرآن الكريم وفي الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى على نبي الله يعقوب نفسه عليه السلام، وعلى نسل يعقوب وذريته، ومنهم الأسباط العشرة الذين أسسوا مملكة إسرائيل وقد ورد في القرآن والحديث النبوي استعمال مصطلح "بنو إسرائيل" وهو مصطلح ليس خاصًا باليهود، بل يشمل اليهود والنصارى.
ولفظة "إسرائيل" لها قدسية عند اليهود والنصارى، إذ أنها تشير في كتبهم المقدسة إلى الشعب المقدس، شعب العهد، شعب الله المختار ، وفي دراسة للدكتور صالح الرقب أحد قادة حركة حماس ، طرح التساؤلات التالية "هل جميع اليهود المعاصرين من نسل يعقوب عليه السلام؟ وهل جميع نسل يعقوب يهود؟ وبلفظ آخر:هل جميع اليهود إسرائيليون؟ وهل جميع الإسرائيليين يهود؟ ".
وكانت الإجابة وفقا للدكتور الرقب "لا" ، فأكثر اليهود ليسوا من نسل يعقوب عليه السلام، وكثير من الإسرائيليين ليسوا يهودًا ، وهذا أمر معترف به بين الباحثين، حيث تشير بعض الاحصاءات إلى أن يهود الخزر " أوكرانيا حاليا " الذين تهودوا في القرن الثامن الميلادي وكانوا قبل ذلك وثنيين، تبلغ نسبتهم قرابة 92% من مجموع عدد اليهود اليوم، والثمانية في المائة المتبقية ينحدر أكثرهم من السكان الوثنيين البدو في إفريقيا وآسيا وحوض البحر المتوسط، كما أنه معروف أن "يوسف ذو نواس" ملك اليمن أكره رعيته على اعتناق الديانة اليهودية وحرق بالنار من رفض منهم ، ولذا فالقول إن يهود اليوم من نسل يعقوب عليه السلام كذبة كبرى لا تجد لها قبولاً عند الباحثين.
وأضاف أن المزاعم والادعاءات المزيفة التي صنعتها اليهودية ومن ثم روجّتها الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية هي التي أوجدت العلاقة بين يهود اليوم وأبناء إبراهيم عليه السلام وربطت بين يهود اليوم بنبي الله تعالى إسرائيل، إلا أن الدراسات الموضوعية التاريخية تؤكد أن اليهود الذين قدموا إلى فلسطين في القرن العشرين من جميع دول العالم وهم ينتمون في الأصل إلى أعراق وأجناس وقوميات شتى لا تربطهم بيعقوب "إسرائيل" أية علاقة قومية أو عرقية.
ومن الدلائل أيضا في هذا الشأن ، دراسة أعدها في عام 1966 المؤرخ البريطاني "جميس فنتون" وانتهى فيها إلى أن 95% من يهود اليوم ليسوا من بني إسرائيل وإنما هم أجانب متحولون أو مختلطون أي أن اليهود يتألفون من دماء مختلفة وأن ما تفعله الصهيونية من محاولات لجعل اليهود شعباً وأمةً وجنساً مستقلاً إنما تقف ضد تيار التاريخ ومبادئ الحرية وتدفع اليهود إلى إيجاد مجتمع ديني متميز يثير المشاعر ضده ويدفع الجميع إلى معاداته .
أيضا الباحث العربي الدكتور عبد الفتاح مقلد الغنيمي أكد في كتابه "شعوب إسرائيل وخرافة الانتساب للسامية" أن 95 % من يهود إسرائيل وبقية يهود العالم ليسوا من الجنس السامي على الإطلاق وليست لديهم أية صلة تاريخية وعرقية ببني إسرائيل القدماء أحفاد يعقوب عليه السلام، بل ينحدرون من القبائل الخزرية ، موضحا أن ملك الخزر "بولان" كان قد دخل في اليهودية ولحقه قسم كبير من أبناء شعبه سنة 740م، ولما تشتت هذه المملكة ما بين القرن الحادي عشر إلى الثالث عشر نتيجة هجمات الروس والبيزنطيين والتتار، اضطر أهلها إلى الفرار إلى بولندا والمجر وهناك تقابلوا مع يهود آخرين قادمين من بلاد أخرى ومن أهل البلاد الأصليين فكونوا معهم تجمعات يهودية كبرى في وسط وشرق أوروبا.
وفي كتاب " قصة الحضارة" للمؤرخ اليهودي فيلون ، جاء أنه في عهد ملك بابل "نبو خذ نصر"، أي في القرن السادس قبل الميلاد، تعرضت مملكتا يهوذا وإسرائيل إلى هجمات من قبل البابليين، أدت إلى تدمير ملك اليهود في فلسطين، وسبى نبو خذ نصر أكثر السكان اليهود إلى بابل وبعد هذا التدمير لليهود، والأسر البابلي لهم استطاعت يهودية تدعى "أستير" أن تعيد اليهود إلى مجدهم، إذ تزوجت الملك الفارسي أحشو قورش "558- 530 ق.م"، وأصبح لها سلطان ونفوذ قوي، حيث أصدر قورش مرسوماً ملكياً يمنح اليهود حق العودة إلى فلسطين وأعان اليهود الراغبين في العودة بالمال والمتاع ، وعلى إثر ذلك قام اليهود باضطهاد الفرس وقتل عشرات الألوف منهم، مما دفع الكثيرين من الفرس إلى اعتناق اليهودية فراراً من الظلم والبطش اليهودي ، ما يؤكد أن كثيراً من يهود اليوم هم من أصول وأعراق أوروبية وآسيوية ليست لها علاقة بالجنس السامي الذي ينتسب بنو إسرائيل له.
وهناك أيضا المؤرخ اليهودي الروسي الأصل إبراهام بولياك الذي أكد في مقال له عام 1941 أن قسماً كبيراً من يهود اليوم هم من سلالة يهود الخزر وأصل هؤلاء يرجع إلى القبائل المنغولية التي سكنت وسط آسيا قبل ارتحالها إلى شرق أوربا ثم تأسيسهم لمملكة الخزر التي انقلبت إلى مملكة يهودية.
ويقول المفكر الفرنسي المسلم رجاء جارودي أيضا إن من الخرافات والأساطير التي أسس عليها اليهود دولتهم أسطورة استمرارية الصلة العرقية والتاريخية بين التوراتيين وبين يهود اليوم الذين ينتمي أغلبهم لمملكة الخزر ، حيث اعتنق بولان ملك الخزر الديانة اليهودية سنة 740م في عصر خلافة هارون الرشيد ، فحذا قسم كبير من رعاياه حذوه ، موضحا أن شعب الخزر ذوو أصول تركية وروسية ومجرية وقد شكل هذا الشعب مملكة كبرى عرفت بمملكة الخزر على أرض أوكرانيا الحالية.
وأضاف في كتابه " الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" أن 99% من اليهود المعاصرين ليس من أجدادهم أحد وطئت قدماه أرض فلسطين بسبب التحول من ناحية، وبسبب الزيجات المختلفة خلال القرون من ناحية أخرى.، فخروج بني إسرائيل منذ منتصف القرن الثاني الميلادي من فلسطين بعد هجمات الرومان، واختلاطهم بالشعوب الأخرى لمئات السنين التي استمرت حتى منتصف القرن العشرين كان سبب ذلك، بالإضافة إلى دخول شعوب أوروبية في اليهودية واختلاط هؤلاء بأولئك.
وبالتالي فإن يهود اليوم هم أقرب إلى الجنس الآري منهم إلى الجنس السامي، وهم عبارة عن طائفة دينية تميّزت بميزات اجتماعية واقتصادية، وانضم إليها في جميع العصور أشخاص من شتى الأجناس ومن مختلف صنوف البشر، فمنهم الفلاشا السود سكان الحبشة، ومنهم الألمان ومنهم الخزر الذين ينتمون للجنس التركي القوقازي.
وقد تتبع الكاتب اليهودي آرثر كوستلر في كتابه المسمى "القبيلة الثالثة عشرة" أصول يهود أوربا الشرقية، ممن يدعون "اشكنازيم" وهم معظم اليهود ، فأرجعها إلى شعب الخزر الذين تهودوا ولايمتون بأي صلة لليهود القدماء، وأما اليهود قليلو العدد الذين عاشوا في فلسطين إبان الحكم العثماني فقد انحدروا عن اليهود السفارديم المقيمين في إسبانيا 1492 وأما معظم اليهود الذي عاشوا في الأقطار العربية فأصولهم تعود إما إلى العرب، وإّما إلى بربر شمال إفريقيا الذين تهودوا وبذلك لا يمكن أن ينتمي أي جنس من أجناس يهود اليوم إلى التوراتيين.
وأكد كوستلر أن يهود العالم اليوم في غالبيتهم الساحقة ينحدرون من الشعب المغولي- شعب الخزر- خاصة وأنَ اليهود الأصليين الذين ينتمون إلى القبائل الإسرائيلية "الاثنتي عشرة" في التاريخ القديم قد ضاعت آثارهم ، وبالتالي فإن الغالبية العظمى من اليهود المعاصرين ليسوا من أصل فلسطيني وإنما من أصل قوقازي ، قائلا :" وقد اعترف ملك الخزر في رسالته إلى الحاخام حسداي بن شبروط أنه وكل شعبه قد اعتنقوا اليهودية، وأنهم ليسوا من أصول سامية، إنما يرجعون إلى توجرمة حفيد يافث الابن الثالث لنوح عليه السلام وهو الجد الأعلى لكل القبائل التركية".
وهناك ما يشبه الإجماع بين علماء الأنثروبولوجية على أن يهود عصر التوراة هم مجموعة سامية من سلالة البحر المتوسط المعروفة بصفاتها المميزة من سمرة الشعر وتوسط القامة وطول إلى توسط في الرأس، وأنه عند مقارنة هذه الصفات بيهود اليوم المعاصرين فإنه لايوجد مجتمعا يهودياً واحداً يتمتع بهذه الصفات .
وفي 6 يونيو 1944 وخلال كلمة أمام مجلس اللوردات البريطاني، أكد اللورد موين الوزير المفوض البريطاني أن اليهود الحاليين لم يكونوا أحفاد بني إسرائيل القدماء، وليس لهم شرعاً أن يستردوا الأرض المقدسة أرض فلسطين، وفي 9 نوفمبر من نفس السنة تم قتله على يد اثنين من عصابة شتيرن اليهودية عندما كان في زيارة للقاهرة ، والخلاصة هنا أن هناك تزييفا واضحا للتاريخ وهذا ما ظهر أيضا في قصة الهيكل المزعوم .
قصة الهيكل المزعوم
من مزاعم الحركة الصهيونية أيضا أن مكان الهيكل الذي دمر عام 70 م هو نفسه المكان الذي بني فيه المسجد الأقصى ولذا تكررت محاولات المتطرفين اليهود لهدمه إلا أن عناية الله سبحانه وتعالى ومقاومة الفلسطينيين الباسلة حالت دون تحقيق تلك الكارثة ، ووفقا لدراسات أعدها الدكتور عادل حسن غنيم رئيس شعبة الدراسات التاريخية بمركز بحوث الشرق الأوسط بجامعة عين شمس في مصر و المركز الفلسطيني للإعلام وفضائية الجزيرة ، فإن الهيكل عند اليهود هو بيت الإله ومكان العبادة المقدس وكان نبي الله سليمان قد أقام بناء أطلق عليه اسم "الهيكل" لوضع التابوت الذي يحتوي على الوصايا التوراتية العشر فيه ، غير أن هذا البناء تعرض للتدمير على يد القائد البابلي نبوخذ نصر أثناء غزوه لأورشليم (القدس) عام 586 ق.م.
وبعد أن استولى الفرس على سوريا وفلسطين أمر الملك قورش عام 538 ق.م بإعادة بناء الهيكل ، وظلت فلسطين تحت الحكم الفارسي إلى أن فتحها الإسكندر المقدوني عام 332 ق.م، وتأرجحت السيطرة على أورشليم في عهد خلفائه بين البطالمة والسلوقيين، وقد تأثر السكان في العهد الهيلنستي بالحضارة الإغريقية، وقام الملك السلوقي أنطيخوس الرابع حوالي عام 165 ق.م بتدمير الهيكل وأرغم اليهود على اعتناق الديانة الوثنية اليونانية بعدما علم بتآمرهم على حكمه، وكانت نتيجة ذلك أن اندلعت ثورة المكابيين ونجح اليهود في نيل الاستقلال بأورشليم تحت حكم الحاسمونيين من سنة 135 ق.م إلى سنة 76 ق.م.
وإثر فترة من الفوضى استولى الرومان على سوريا وفلسطين ودخل القائد الروماني "بومبي" أورشليم سنة 63 ق.م وسمح لليهود بشيء من الحكم الذاتي، ونصبوا عام 37 ق.م "هيرودوس الآدومي" الذي اعتنق اليهودية ملكا على الجليل وبلاد يهوذا، وظل يحكمها باسم الرومان حتى السنة الرابعة الميلادية ، وفي عهد الإمبراطور نيرون بدأت ثورة اليهود على الرومان فقام القائد "تيتوس" عام 70م باحتلال أورشليم وحرق الهيكل وقتل عدد من اليهود.
وفي عام 135 م ثار اليهود مرة أخرى في عهد الإمبراطور هادريانوس وطالبوا بإعادة بناء الهيكل إلا أنه أخمد تلك الثورة في العام نفسه بعد أن *** مدينة أورشليم وأسس مكانها مستعمرة رومانية يحرم على اليهود دخولها أطلق عليها اسم "إيليا كابيتولينا".
وبعدما اعتنق الإمبراطور قسطنطين المسيحية (330 - 683) أعاد اسم أورشليم وقامت والدته هيلانه ببناء الكنائس فيها، غير أن اسم إيليا ظل متداولا بين الناس إلى أن فتحها المسلمون وتسلمها الخليفة عمر بن الخطاب سنة 15 ه/ 636م وأعطى أهلها الأمان.
ولم يثر اليهود موضوع البحث عن هيكل سليمان وإعادة بنائه إلا في القرن التاسع عشر في طيات البحث عن مزاعم تاريخية لليهود تمهيدا لإصدار وعد بلفور الشهير والبدء في إقامة دولة قومية لهم على الأراضي الفلسطينية ، فظهرت كتابات يهودية في كبريات الصحف الغربية تدعو إلى إعادة بناء الهيكل في فلسطين ، ومنذ هذا الوقت ، تشكلت أكثر من 15 منظمة وجماعة دينية متطرفة داخل إسرائيل وخارجها تهدف جميعها إلى هدم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان على أنقاضه.
وقد فند العديد من المؤرخين والأثريين المسلمين مزاعم الهيكل المزعوم، حيث أن المسجد الأقصى قد بني قبل ظهور نبي الله سليمان بأكثر من ألف عام وبقي منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، وأن الذي بنى المسجد الأقصى هو نبي من أنبياء الله سواء كان آدم أو إبراهيم أو يعقوب وأن الذي بنى الهيكل هو نبي كذلك وهو سليمان وليس من المقبول عقلا أن يأتي نبي ليهدم مكانا بناه نبي قبله ليشيد على أنقاضه هيكلا له.
وبالإضافة إلى ماسبق ، فقد ورد في المصادر التاريخية المختلفة إشارات إلي بناء الهيكل وهدمه عدة مرات‏ ، لكن لم ترد إشارة واحدة إلي هدم المسجد الأقصى ، مما يؤكد أن مكان الهيكل ليس محل المسجد الأقصى ، كما أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قامت بالحفر في مناطق متعددة أسفل الحرم القدسي منذ 1967‏حتى الآن‏ ، ولم تجد أي أثر يدل على أن هذه المكان كان فيه في يوم من الأيام هيكلا‏ وبرغم ذلك‏ ، فإن الصهاينة لا يزالون يصرون على أن الهيكل جزء من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف، وأن هذا الحائط هو آخر أثر من آثار هيكل سليمان‏ ويطلقون عليه حائط المبكي‏ ، إلا أن هذه المقولة لا تستند إلي أي أساس ديني أو تاريخي أو قانوني .
كما أن هناك تناقضا واضحا في مصادرهم التاريخية التي يعتمدون عليها في هذا الجانب ، حيث توجد ثلاث روايات يهودية فيما يتعلق بمكان الهيكل ، فهناك من يقول إنه بني خارج ساحات المسجد الأقصي‏,‏ وتشير مصادر أخري إلي أن مكانه تحت قبة الصخرة‏، في حين تدعي مصادر ثالثة أنه تحت المسجد الأقصي‏، وقد اختلفت أحجام وأشكال النماذج التي صمموها للهيكل تبعا لهذا ، مما يدحض تلك الروايات جميعا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.