ومهما يكن من تشبيه.. فإن ما حدث في الندوة/ الملهاة التي أقيمت ضمن برنامج الإيوان الثقافي المصاحب لفعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، هو نتيجة طبيعية لاقتحام الأدب من خارج قيمته، والدخول إليه من غير أبوابه، ابتغاء منابت الضوء، والمباهاة الفارغة، والتطاول بالبهتان.. ممّن يفتقدون أبسط أولياته، وأدنى مقوماته، وقد تنامى بأُخرَة عديد أولئك لغير سبب؛ لعل من بينها، وممّا يمتّ إلى هذه الندوة بماتّة، الباب الذي أشرعتْه قصيدة النثر لكل من هب ودب من المستصحفين والمستصحفات والمراهقين والمراهقات.. ومن لفّ لفّهم، وسار على وهْمهم، واتبع عماهم.. حتى أبواب دور النشر الدولارية! وينضاف إلى ذلك ويؤازره الاحتفاء المبالغ فيه أو المجاني أحيانًا في وسطنا الثقافي بكتابة المرأة على الخصوص؛ لكأننا في منسك لا شعوري نمارس فيه هجمة تكفير مرتدّة عن جريرة وأدٍ ما تلابس ضمائرنا الرخوية.. ما أدّى إلى تخصيب الزيف، وتناسل الفجاجة، وتكثُّر التاء المربوطة في مشهدنا الأدبي على الخواء حتى رأينا، فيما نرى، منْ لا تفرق بين الشِّعر والشَّعر، ولم تدنْ لها بعد عبارة، ولا تتقبّض إلاّ على قلم أنيق لتزييف حاجبيها.. وهي تنتقل برشاقة خلّبية من مرحلة التغرير، بمباركة من الجَوقة الإيهامية، إلى مرحلة تمثيل ثقافتنا وإبداعنا في المحافل وصولاً إلى مرحلة التنظير للأجيال القادمة! وبالنظر إلى لغة تعقيب خنكار على باعشن يتوضّح أنها مثال ناصع لهذه النتيجة، وبرهان ذلك هشاشته الأسلوبية، وخطل في الصّوغ يتمظهر في العبارات المتوالية التي يأخذ بعضها بعاهات بعض؛ فمِن تلك العبارات الخرقاء "والأسوأ أن نجد من يؤيد صوابية الخطأ من قبل بعضهم"، والحولاء "الحجارة التي رجمت عدوها بحجارة من سجيل"، والجوفاء "إن المجموعة الشعرية (سيمفونية الربيع) التي أقيمت حولها الندوة الوطنية عبارة عن نصوص شعرية" والعرجاء.. وأسلمها التي لا شِية فيها!! وفي ذلكم ما يشفّ عن ذهن رقيق، ويومئ إلى منطلقات لغوية واهنة؛ لا يمكن أن تصلها بسماوة الشعر وشيجة، ولا تستطيع العروج إليها بحيلة! ولي أن أتلمّس العذر أو التسويغ لكل مَن ترنّتْ، ذات حلم أو عطالة، إلى الطقس الثقافي العام فألفتْ الرياح مواتية، والجوقة تتوفّز على ورم وألف ساق، فتطلّعتْ إلى حفنة من ضوء، أو رشقة من مداد أعمه يهرقها قلم نويقد ضِلّيل.. ولكن كيف يسوّغ القائمون على الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الرياض، الذين لا يخضعون في تنظيمها لضواغط لا شعورية أو أضغاث أوهام أو حواثّ ذاتية، إقامة أمسية شعرية، وندوة تكريمية في ذات المناسبة الثقافية الموسمية لشاعرة لا يصفها إلا المتأدبون في توصيفهم بأنها ليست معروفة؟!!