هل ثمة ذنب يفوق الشرك بالله، أو الكفر به؟ وهل ثمة دعوة للضلالة أشد من دعوة الوالدين لابنهما كي يشرك بالله، أو يرتد على عقبه والعياذ بالله؟ ومع ذلك كله يأمرنا الله -عز وجل- في كتابه العزيز فيقول: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم، فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا). ولكم رددنا أن ما من ذنب سوى الشرك عرضة لعفو الله وصفحه إن شاء. وعامة الناس يدرك ذلك فضلاً عن خطيب مسجد حتى المبتدئ منهم، فكيف بخطيب مسجد معروف مشهور، وفي الرياض حيث مؤسسات الدعوة والإرشاد ومصادر الفتوى وغيرها! ما هو يا ترى ذلك الذنب الخطير الذي يجيز لأب منع بناته الثلاث من رؤية أمهن لمدة 15 عامًا متتالية؟ الأم مواطنة مسلمة، وكانت زوجة لهذا المستبد الذي اشتكت من عنفه وغلظته، ثم لما طلبت الطلاق سارع فحرمها من بناتها هذه المدة الطويلة، ولم تفلح كل الوساطات لإقناعه بالعدول عن قراره المهيب. ولما شكت الأم المكلومة المقهورة إلى القضاء، لم يتنازل فضيلته فيلبي نداء القاضي، مرارًا وتكرارًا حتى أن القاضي هدد بالحكم عليه غيابيًّا (الحياة 7 مايو). هذه الازدواجية في الشخصية تدخل في باب الكوارث لأي إنسان كان، فكيف بمن يزعم أنه شيخ يخطب في الناس كل جمعة مرغّبًا في الهدى والتقى، ونشر مبادئ الرحمة والتسامح، ثم هو يمارس عكس ما يدعو إليه تمامًا، وباسم الدين الذي هو منه براء. كيف لو اقتدى به الآخرون، واعتبروه نموذجًا يسير على هديه المتسلّطون، المتجبرون، المستبدون! انقراض هذه العينات مستحيل، لكنّ بقاءهم في مواقع التأثير على عامة الناس مقلق، ولا يُعد مقبولاً؛ لأن تأثير مَن يُظن فيه الصلاح كأثر حجارة الدومينو إذا وقعت جرّ بعضها بعضًا. ولا أحسب أن المجتمع في حاجة إلى سلسلة من هذه النماذج المؤسفة المحيّرة التي تسيء إلى فلذات أكبادها، وقبل ذلك إلى دينها الذي تزعم له تمثيلاً. اللهم لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين. [email protected]