من وراء القفار والبحار، وتحديداً من أمّ الدنيا، أمريكا، وصلتني الأخبار أنّ مطاعم البيتزا ابتكرت طريقة للتوصيل المجّاني للمنازل، هي بحقّ: ولا أسرع، ولا أروع!. عبر النت يُحدِّد الزبون ما يشتهيه من مواقع المطاعم الإلكترونية، كاتباً عنوان منزله ورقم جوّاله فقط، فتأتيه رسالة بعد دقائق من أقرب الفروع إليه أنّ بيتزته قد حُضِّرت مُكوّناتُها، ثمّ رسالة أخرى بعد دقائق أنّ بيتزته قد أُدْخِلَت الفرن، ثمّ رسالة أخرى بعد دقائق أنها قد أُخْرِجت من الفرن، ثمّ رسالة أخرى أنها في الطريق إليه وإن لم يستلمها خلال الدقائق الخمس القادمة فهي مجّانية بالنسبة له، ثمّ يُفاجأ الزبون بمن يدقّ عليه الباب وفي يده البيتزا الساخنة واللذيذة في وقتٍ لا يتجاوز 25 دقيقة!. أنا أصابتني الغيْرة من مطاعم أمريكا، وراهنت بعلتي العزيزة على 500 ريال أنّ مطاعمنا أفضل، خاصّة أنها وكيلة لمطاعم أمريكا، وتبيع طعامها بأسعار أغلى، فتربح أضعاف ما تربح مطاعم أمريكا، ولإثبات ذلك طلبت بيتزا من أحدها مرّتين، فماذا كانت النتيجة؟ في المرّة الأولى وصلتني البيتزا بعد ساعة ونصف من طلبها، وقد اعتذر السائق الفيليبيني بسبب زحمة المرور، وقال: أنه حتى في مانيلا، عاصمة بلاده المكتظّة، لا توجد زحمة مثل زحمة جدّة، هذا فضلاً عن احتياج البيتزا لإعادة تسخين أفقدها لذّة الطعام الطازج، وفي المرّة الثانية أخطأ السائق الهندي في العنوان، وهو معذور فشوارع جدّة أمست كلعبة المتاهات، ولا شيء يجمع بينها سوى الحُفر والتحويلات، وقد سلّمها لمنزل جاري الذي التهمها ثمّ اتصل بي قائلاً: معليش سأعوّضك غيرها، وسط دعواتي عليه بأن يصيبه إسهال، وهكذا خسرت الرهان، فيا بخْت الأمريكيين، فرُبّ تفاصيل صغيرة مثل توصيلات الطعام إلى المنازل تُنبئ عن تطوّرات كبيرة في بُنية المدن حولها، وثقافة احترام وخدمة المستهلك، حقاً يا بختهم!. @T_algashgari [email protected]