يُسارع بعض الناس إلى إلقاء اللوم على غيرهم، ويتهمونهم بسوء السلوك، ويَشرعون في القدح في أخلاقهم وشخصيّاتهم، لتبرئة أنفسهم من الخطأ والملام. وقد يُرجع بعض الأزواج مشكلاتهم الشخصية، وسوء أحوالهم الزوجية، إلى أسباب خفية، وعوامل لا يمكن التأكُّد منها، مثل: الإصابة بالعين أو الحسد، أو عمل السّحر، في ظاهرة انتشرت في بعض المجتمعات العربية، نتيجة ضيق الأفق، وثقافة ترفع الحرَج عن الشخص، وتريحُه من تأنيب الضّمير، وتُجنّبه مواجَهة الأسباب الحقيقة، أو علاج نفسه من اضطراباتها الشخصية والسلوكية. ويغضب بعض الموظفين من احتداد بعض المراجعين، وتلفّظهم بما يدل على غيظهم وتذمّرهم من أداء العمل في بعض الدوائر الحكومية، لكن لبعض التصرفات مايُفسّرها، فبعض الموظفين يتعامل بأَنَفة عجيبة، وتكلّف مذموم، ووجه خال من الابتسامة، وألفاظ حادة قاسية، لكن في المقابل، يظن بعض المُراجعين أن لهم الحق في التعامل مع الموظفين بقسوة غير مبررة، ولسانٍ سليط، وأسلوب لا يحترم مكانَة الموظف وإدارته، فيُغلظون لهم الحديث، ويكلمونَهم بجلافة، مما يستفزّ أي إنسان يعتزُّ بكرامته. أمّا بعض المُديرين - هداهم الله - فيتعجّبون من عدم احترام معظم الموظفين لهم، وامتعاضهم من أساليب إدارتهم، ويتساءلون عن مُبرّر التهكّم عليهم والتذمّر منهم، وأسباب الدعاء عليهم، في حين تراهم سليطي اللسان، صِعاب المعشر، ضِعاف الفِكر، لا يُنزلون الموظّفين منازلهم، ولايوفونهم طلباتهم المشروعة، بل يُضيّقون عليهم، ويؤثرون مصلحتهم الشخصية على مصلحة العمل، وبعد ذلك يلومون الموظفين على رجائهم تنحيتهم، وتمنّيهم أن يُبدلهم الله خيرا منهم، ليحاولوا تصحيح المسار المُعوج، وردّ اعتبار الموظفين، وتفعيل أنظمة تحفظ كرامة الجميع، وترفع أداء المُنشأة وكفاءَة العمل. من الضروري العودةُ إلى النفس، ومراجعة حساباتها، ومواجهة مشكلاتها بشفافية وواقعية، والانشغال بتصحيح عيوبها عن عيوب الناس، والاعتراف بالخطأ والتقصير، فالمرء قد يُبصر القَذى في عين أخيه، ولا يرى الجِذع في عينه، وكما تُدين تُدان، والمثل الشعبي يقول: "هي فتّتك وفتّيتها" !!.