لو نظرنا إلى نصف سنة تقريبًا مرت من هذا العام، لوجدنا تغيرات كثيرة حدثت على جميع المستويات. تغيرات سياسية، وفكرية، وثقافية، وفنية، واجتماعية، وإعلامية، ودعوية. تغيرات على مستوى الأفراد، والمؤسسات، والأحزاب، والجمعيات، والدول، والحكومات. تغيرات تمس الظاهر والجوهر، الأفكار والقناعات، الكتب والتنظيمات. حتى صار من الصعوبة ملاحقة فكرة، أو رأي مؤسسة، أو منظومة سياسية! وفي أسابيع قليلة تقرأ نقلات جذرية على مستوى الحكومات والسياسات، والتنقل بين التوجهات على مستوى المؤسسات والجماعات. إنه سيلٌ جارفٌ وعارمٌ يغير شحنات الإنسان من الإيجابي للسلبي، ومن السلبي للإيجابي، وفوق ذلك يضغط بشكل كبير على استقرار الأداء الفكري، والنفسي، والصحي، والأخلاقي! وتجاه هذا التغيير علينا أن نقف هذه الوقفات التي تعيد لنا حالة من التوازن النسبي، والاستقرار والهدوء، لاستقبال متغيرات جديدة ببعد أكثر رزانة وموضوعية: 1- سمة التغيير في العالم لا تقف عند الحد السلبي، بل لها بعد إيجابي يتطلب استيعابًا له، والإفادة منه، دونما تجاوز لأصل شرعي ثابت وقائم. وبالتالي يكون جامعًا بين ثقافتي الشرق والغرب، وبين الفهم الشرعي والموقف الشرعي، وبين عمق الفكر، وإشراق الروح. 2- ضرورة البحث عن موقع خاص بكل إنسان يؤثر فيه، وينتفع به، فالمتغيرات شملت الكثير من مناحي الحياة، وبات من الضروري أن يراعي الإنسان ظروفه الخاصة، وما يحيط به، ففرص الانتفاع الذاتي أكبر، ما لم يتقوقع الإنسان ويوسوس، وينغلق فكريًا وفقهيًا. 3- المؤثرات الإعلامية، والاستهلاكية المادية، تكاد تكون المسيطرة على وقت وتوجهات الناس، والعاقل هو من يحسن القراءة الجادة المستفيضة، ويستقري لنفسه بعد توفيق الله موقعًا جديدًا ومناسبًا لتغيرات المرحلة، ويراعي الظرف المادي والسياسي والتكتيكي الذي يتطلبه في مرحلته القادمة. 4- كل ما حولنا يتغير، واتكاؤنا على القديم فكرًا وممارسة، دون تجديد وتقويم، لن ينفعنا تجاهه تاريخ مجيد، ومواقف حافلة. التاريخ يتجدد، فكرًا وممارسة، ويرسم ملامحه المستقبلية الذين يستقبلونه بطموحهم لا بهمومهم! [email protected]