سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القمة التشاورية والتحول نحو الاتحاد
تأتي فكرة الإتحاد الخليجي كآلية مثلى لتأمين المنطقة وتحصينها ضد مخاطرالأجندات الخارجية وما تحمله من بذور للفتن الطائفية، وفرض الهيمنة، واستنزاف الموارد
غداً الإثنين سوف يجتمع قادة مجلس التعاون الخليجي في قمتهم التشاورية ال14 بمدينة الرياض، في مرحلة مفصلية من تاريخ المجلس، للاطلاع على توصيات الهيئة الخليجية المتخصصة التي وافق القادة على إنشائها لدراسة مقترح خادم الحرمين الشريفين الذي قدمه في الدورة الثانية والثلاثين المنعقدة أواخر ديسمبر الماضي ويهدف إلى التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. وحتى اللحظة لا يوجد تصور واضح لدى الإعلام لما يمكن أن يكون عليه الاتحاد الخليجي في حال الموافقة عليه، وذلك لعدم صدور أي تصريحات من أعضاء اللجنة المخصصة، باستثناء تصريح وزير الخارجية البحريني الذي نفى فيه إمكانية أن تناقش القمة التشاورية ال14 إقامة كونفيدرالية بين دول الخليج العربية، موضحاً أنه سيتم الاكتفاء بمناقشة تقارير الخبراء الذين اجتمعوا على مدار الأشهر الخمسة الماضية، وذلك حسب ما نشرته (العربية) الأربعاء الماضي بتاريخ 9 مايو 2012.. وبغض النظر عن ما ستؤول إليه نتائج القمة التشاورية غداً، فإن ادراك مدى أهمية هذا التحول هو وحده فرصة جوهرية لتحريك المياه الراكدة والعمل باتجاه متطلبات التغيير، خاصة وأننا في وقت بالغ الحساسية ليس لدول المجلس فقط بل للعالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة لما تشهده المنطقة من قضايا وأحداث وتحولات غير مسبوقة في غاية الأهمية منذ مطلع العام الماضي، وتأتي في مقدمتها ربيع الثورات العربية وما تبعها من سقوط بعض الأنظمة، بالإضافة إلى إنسحاب القوات الأمريكية من المنطقة والفراغ الأمني الذي تركته، والوضع الشائك في اليمن وسوريا، الملف النووي الإيراني ومخاطر توجه اسرائيل لضرب المنشآت النووية الإيرانية، زيارة الرئيس الإيراني للجزر الإماراتية المحتلة والتهديدات الإيرانية المستمرة لأمن الخليج، احتجاجات واضطرابات البحرين والتدخلات الخارجية لتأجيج الصراع بين المعارضة الشيعية والحكومة، الملف السوداني وبوادر الحرب مع دولة جنوب السودان، وغيرها من القضايا والتحديات الخطيرة التي تواجهها المنطقة وتفرض علينا التفكير ملياً نحو تغيير استراتيجياتنا وسياساتنا وتدعو قادة دول مجلس التعاون إلى ترتيب الأولويات لمواجهة التحديات الداخلية والإقليمية، لذلك تأتي فكرة الإتحاد الخليجي ربما كآلية مثلى لتأمين المنطقة وتحصينها ضد مخاطرالأجندات الخارجية وما تحمله من بذور للفتن الطائفية، وفرض الهيمنة، واستنزاف الموارد. ولكن على النقيض تعلو أصوات أخرى ترفض هذا التحول، ومنها وجهة نظر وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبدالله الذي صرح لصحيفة الشرق القطرية في أواخر شهر مارس الماضي بأن «الاتحاد الخليجي فكرة لا يستوعبها الجيل الحالي ولا يمكننا تقمص تجارب الآخرين» معتبراً أن دول الخليج مازالت غير مؤهلة لمرحلة الاتحاد، وأن المخاطر الأمنية كانت ومازالت دائما قائمة والمهم هو كيفية التعامل والتعايش معها، موضحاً أن العقود الماضية شهدت العديد من المخاطر مثل غزو العراق للكويت ومن قبلها الثورة الايرانية وقضية تصدير الثورة والناصرية والقوميين العرب وغيرها من المخاطر المماثلة. ولكن ماقاله معالي الوزير العماني عن تجارب الماضي لا يتطابق عملياً مع حجم المتغيرات والمخاطرالحالية تماماً، حيث أن الخطر بات يحدنا من جميع الاتجاهات شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً في آن واحد، وبكم هائل من القضايا وعلى عدة أصعدة منها السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي، وهو الأمر الذي شرحه وزير الخارجية سمو الأمير سعود الفيصل بإسهاب عبر كلمته التي وجهها خلال افتتاحية مؤتمر «الشباب الخليجي :دول الخليج العربية من التعاون إلى الاتحاد» أواخر الشهر الماضي وذكر فيها: «إن مصادر هذه الأزمات قد تشعبت بصورة كبيرة، فظهرت على الساحة الدولية العديد من الظواهر والعوامل الدولية مثل الإرهاب، والتلوث البيئي، والاحتباس الحراري، والأمراض الوبائية، والأزمات الاقتصادية، التي تتطلب عملاً جماعياً مشتركاً لمواجهتها وأصبحنا في ظل هذه الظواهر نشهد أشكالا جديدة من الصراعات وأنماطا مستجدة من المواجهات إضافة إلى أساليب الصراع التقليدي بين الدول». أمام كل هذه المعطيات، يبدو أن خيار تحول مجلس التعاون الخليجي إلى إتحاد إقليمي بات مناسباً بأي صيغة سواء كانت كنفدرالية أوفدرالية أو بصيغة توافقية تضمن لمنطقة الخليج الثقة الكافية لمواجهة التحديات والتهديدات الداخلية والخارجية وخلق تغييرات واقعية وملموسة على الصعيد الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي وتعكس رؤية خادم الحرمين الشريفين كما جاء في كلمته حفظه الله: «التاريخ والتجارب علمتنا ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة يواجه الضياع وحقيقة الظرف، وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا وأمننا«. [email protected] @TrueFact76 [email protected]