تراجعت مكانة "الكبار" بشكل واضح خلال المعاملات اليومية سواء داخل الأسرة، أو العمل، وفي الشارع، فلم يعد هناك "التقدير المناسب" لمن هو أكبر سنا، كما كان يفعل آباؤنا وأجدادنا، وللأسف يعتبر بعض الشباب إذابة الفوارق ربين الكبير والصغير، عملا عاديا متناسين قيم الإسلام في احترام من هم أكبر سنا. ومن تلك المظاهر السلبية عدم مراعاة الآداب العامة بحقه في أن توقره وتحترمه وتجله وتضعه في مكانة كبيرة تليق به، وأن تتجنب المزاح غير اللائق معه، وأن تتجنب كل السلوكيات التي تغضبه، وأن تنهض من مكانك وتقوم لاستقباله عند قدومه بالفرح والتهليل والترحاب، وأن تحرص على عدم الدخول قبله. وحول رؤية الشباب، وبعض المختصين لبعض المظاهر السلبية المفتقدة لآداب المعاملة مع الكبار في الإسلام، وموقف الشرع الحنيف منها، أوضح الشاب مؤيد الشميمري أن بعض شباب الجيل الحالي يفتقد بالفعل للذوق في احترام الكبير، فيتعامل أحيانًا معه بلغة غير لائقة، ولا يحرص على أن يجلسه في أفضل مكان، أو يتجنب الجلوس في المكان المعد لتكريمه إلا بإذنه، وغابت قيم أصيلة كأن يسلم على القوم عامة ويخصه بالتحية، وأن يتجنب الجلوس أثناء وقوفه إلا بموافقته، كذلك عدم مد رجليه أمامه، وألا تضع رجلًا على رجل بحضرته، وعدم الاضطجاع بحضرته، ولا يخرج من مجلسه إلا بإذنه، وهى أمور حث عليها الإسلام. أما الشاب سعد البقمي فيشير إلى أنه لا يمكن الجزم بأن عدم احترام الكبير صار ظاهرة، ولكنها تزداد يومًا بعد يوم نظرًا لاختلاف الزمان، داعيًا إلى مخاطبة الكبير بلطف وأدب، وألا يناديه باسمه المجرد بل بلقب من ألقابه: (الأستاذ - الدكتور - المهندس - أستاذنا الفاضل - معلمنا الجليل - شيخنا المحترم - عمي العزيز - حضرتك - فضيلتك - ....... )، وأن يخفض صوته وألا يضع يده في جيبه أثناء التحدث معه، وأن يحرص على عدم مقاطعته أثناء كلامه. ومن الخبراء ترى المستشارة الاجتماعية وقائدة أعمال التطوع بجمعية زمزم فايزة حلواني أن إساءة معاملة الكبار من الظواهر المؤسفة، وأدت في النهاية إلى انتشار دور رعاية المسنين، وهى في الأصل "دار لنفي المسنين". ظاهرة مؤسفة وبينت حلواني أن شباب هذا الزمن لم يعد يحترم كبار السن فقط وإنما أصبح البعض منهم لا يحترم والديه على وجه الخصوص أو الأخ الأكبر، منوهة بأن ظاهرة عدم احترام الشباب لكبار السن أصبحت ملاحظة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولكنها تختلف في منطقة عن أخرى. وأضافت: "لم يعد كبير السن له المكانة والهيبة عند البعض كما كان في السابق، حتى أن طريقة الجلوس أو الكلام معه لم تعد تؤخذ بعين الاعتبار"، وضربت بذلك مثالا أنه عندما يكون الجميع في جلسة معينة أو مناسبة خاصة، وتأتي امرأة كبيرة في السن تدخل، ولا تجد مكانًا، يكون بجانبها على المقعد فتاة لا تتعدى سن المراهقة، وأخريات لم يبلغن الثلاثين وهن في عمر بناتها، ومع ذلك لا يقمن تقديرا لها، وتنتظر المرأة إلى أن يتم تأمين مقعد لها. وتشير إلى أن الطامة عندما يكون هناك نقاش حول موضوع معين، فنجد فتيات يتجادلن بطريقة غير لائقة مع نساء بلغن الخمسين والستين في موضوع بسيط دون مراعاة لفارق السن. تراجع القيم الأصيلة من جانبه أوضح المهتم بالدارسات الإسلامية محمد الهادي أن الشباب في الماضي كانوا عندما يجلسون مع كبار السن يراعون عدة أمور من أهمها: أن يقوموا برفع الروح المعنوية لدى كبار السن،وذلك بحسن استقبالهم والترحيب بهم،والدعاء لهم وإظهار البشر بقدومهم والتبسم في وجوههم، وغيرها من السلوكيات التي تشعر كبير السن بحب المجتمع له، والفرحة بوجوده وأنه غير منبوذ أو مكروه في مجتمعه. وأشار إلى أن من الآداب المفتقدة في معاملة الكبير، سؤال المسن عن ماضيه وذكرياته وإنجازاته والإصغاء إليه، وعدم مقاطعته، وإبراز جهود وإنجازات المسن والحديث عما قدمه من خدمات لمجتمعه والدعوة إلى الاقتداء به والدعاء له. وأكد أن غياب تلك القيم الرفيعة أدى إلى انتشار ظاهرة العقوق بين شباب الجيل الحالي، داعيًا إلى إعمال القيم الإسلامية التي تدعو إلى احترام الكبير وتقديره، ويتساءل أين قول رسولنا: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويعرف حق صغيرنا).