انتشرت في كثير من المجتمعات الإسلامية حالات ما يسمى ب"زنا المحارم"، وتكتظ الصحف ووسائل الإعلام الجديد بعشرات القصص والأخبار المثيرة، فهذه بنت تحمل من أبيها، والأم من ابنها، وابن الزوج مع زوجة أبيه، وشاب يتعرض لاعتداء جنسي من شقيقاته السبع، وفتيات يقررن الانتحار بسبب تعرضهن لاعتداء المحارم.. "الرسالة" بدورها حاولت القيام بتلخيص أبعاد هذه القضية وآثارها في ضوء هذا الاستطلاع: بداية أرجعت المستشارة التربوية منال السالم أسبابها، لعدة عوامل على رأسها ضعف الوازع الديني مقابل ضعف رقابة الأسرة على أفرادها وإحسان الظن بهم بلا حذر ومتابعة، بالإضافة إلى ما ترتديه بعض الفتيات أمام محارمهن من ثياب تثير الغرائز وتساهلهن في الممازحة والخلوة والنكت غير اللائقة معهم. وأشارت إلى أن من بين الأسباب أيضا خوف الفتاة من رد فعل محرمها عند صدها لمحاولاته الأولى، وخشيتها من اطلاع أسرتها على ما حدث حيث تتوقع أن تثير الشكوى خلافات عائلية أو انشقاق في الأسرة فتفضّل "الصمت والاستسلام"، وأوضحت أن وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة تلعب دورا خطيرا في تأجيج غرائز الشباب فتوصله إلى حد لا يعظّم معه جرمًا ولا يعي معه عواقب الأمور، وذكرت أن مغامرات الأصحاب وأحاديثهم عن هذا النوع من العلاقات المحرمة، وتعاطي الخمور والمسكرات والمخدرات، وتأخر سن الزواج يؤدى إلى تلك الظاهرة الاجتماعية الخطيرة. اختلاط المضاجع وترى الأكاديمية د. شذى العبد الكريم عدة أسباب لزنا المحارم منها: "انتكاس الفطرة وما ينتج عنها من كثرة إطلاق البصر، ومشاهدة العري على شاشات التلفاز، وسماع الأغاني، وإظهار المرأة عورتها أمام المحارم، وضيق المسكن والاختلاط في المضاجع، العنوسة، وغياب الوعي الديني في المجتمعات". أما أخصائية الصحة النفسية وعلاج الإدمان د.شيماء محمد الهادي الدويري، فأشارت إلى أن انتشار ظاهرة زنا المحارم ليس بالأمر الجديد على المجتمعات، كباقي الظواهر الأخرى كالشذوذ الجنسي، وقالت: "هناك قصص كثيرة منها باتت قضايا منظورة بالمحاكم، ومنها مازالت في طي الكتمان، وبين هذه القصص قصة زهرة في عمر 14 عاما التي فقدت عذريتها على يد شقيقها في منزلهما الصغير. صبر ومثابرة واسترسلت الدويري: "الفكرة لا تكمن في وضع الأسباب أو النتائج لمثل هذه الحالات، لأنها باقية مهما تم تسليط الضوء عليها.. ودورنا كمعالجين نفسيين بالكاد نعترف بالمشكلة الحقيقية بسبب عدم وجود مكان تأهيل لهذه الفئة التي تحتاج إلى صبر ومثابرة كونهم يتعرضون إلى مشاكل كثيرة منها: "الشعور بالذنب، فقدان الثقة بالنفس، الخوف الشديد، الأرق، الكوابيس، القلق، البكاء، الانعزال والخجل، تدني المستوى الدراسي" مشيرة إلى أن تلك المشاكل من الممكن أن تؤدي على المدى البعيد لاضطرابات المزاج أو القلق، وبالنسبة للتأثير المستقبلي لدى الضحية فقد يصاب بالبرود أو شذوذ الجنسي. فتوى الشيخ ابن عثيمين: الزاني بالمحارم يُقتل في كل الأحوال يعد الزنا بذوات المحارم أعظم إثما من الزنا بغير المحارم، لما فيه من القطيعة والأذى والاعتداء على الرحم المأمور بصلتها، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن الزاني بالمحارم يقتل مطلقا، سواء كان محصنا أو غير محصن وقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول بقتل الزاني بذات المحرم بكل حال. وجاء في "الموسوعة الفقهية": "يتفاوت إثم الزنى ويعظم جرمه بحسب موارده. فالزنى بذات المحرم أو بذات الزوج أعظم من الزنى بأجنبية أو من لا زوج لها, إذ فيه انتهاك حرمة الزوج, وإفساد فراشه, وتعليق نسب عليه لم يكن منه, وغير ذلك من أنواع أذاه. فهو أعظم إثما وجرما من الزنى بغير ذات البعل والأجنبية. فإن كان زوجها جارًا انضم له سوء الجوار. وإيذاء الجار بأعلى أنواع الأذى, وذلك من أعظم البوائق, فلو كان الجار أخًا أو قريبًا من أقاربه انضم له قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم.