لم يكن بودي أن أطرح هذا الموضوع أو هذه المسألة، ولكنها أخذت تستفحل ويكبر شرخها، وهي معاناة المبدع في بلادنا ودولنا الخليجية، وأعتقد أن هنالك من تناولها تفصيلاً ولكنني أحببت تحريك المياه الراكدة.. المبدع في وطننا الخليجي يعاني من عدة ضغوطات قد يتوارى عن إظهارها للآخرين، ولكنه يتألم بسببها.. يتألم منها وبشدة.! كم من مبدع يعاني الإهمال خاصة مبدع الظل كما يحلو للبعض أن يسميه- وغيره من المبدعين الكبار؟، وكم من مبدع يعاني المرض..؟ وكم من مبدع يعاني الضائقة المادية والمالية وما ينعكس عنها على حياته الاجتماعية والنفسية..؟ وكم وألف وكم..؟ هنالك نماذج كثيرة لشعراء ومبدعين قد رحلوا عن هذه الدنيا إلى دارٍ هي مستقر لنا جميعًا وقد خلفوا أسرًا والكل منا يعرفهم ويدرك من أقصد، ومن قربنا أيضًا أصدقاء يعانون ويل المعاناة المركبة إن صح أن نسميها (مرض وعجز مادي)، ولكن عزة النفس وكرامتها تجعل من هذه النماذج تتوارى خلف ثيابها وإن كانت ممزقة وبالية كثيرًا.. سعدنا جميعًا بما ظهرت به توصيات ملتقى المثقفين السعوديين الثاني، والذي عقد قبل أشهر مضت في الرياض، حيث كان أمل وطموح المثقف والأديب السعودي، ونأمل بإنشاء صندوق تموله الدولة والقادرون من رجالات الأعمال وما أكثرهم بيننا لمساعدة المثقف والأديب الذي تستدعي ظروفه إلى ذلك.. وانتظرنا غيره الكثير من الطموح، ولكن تحقيق هذه الأمنيات على أرض الواقع أخذ يتلاشى لكثرتها، وعدم اقتناع صاحب القرار بها، ولكن ليس هنالك يأس، يبقى الأمل قائمًا، وتبقى أداة الاستدراك (ولكن) قائمة فمتى ما زالت يتحقق الأمل ويفعل إن كان هنالك مؤشر، ويوجد ثمة مؤشرات..؟ سؤال حائر ينتظر إجابة. نأمل تفعيل هذه توصيات الملتقى للمثقفين، وبسطها على الساحة والاستفادة منها سريعًا، ولا تكون حبيسة الأدراج ككثيرٍ من التوصيات والقرارات، التي لم ترَ النور، رغم أن ظهورها ينشط الحراك الثقافي والأدبي وينعكس إيجابًا على مستوى الفكر والانفتاح..، والذي نحن به نصل ونرتقي ونشارك الحركة العولمية النشطة، لاسيما ما يعود على الفرد بالإيجابية.. في تصوري أن ظروف المثقف الخليجي تتشابه في جوانب عديدة، وإن تفاوتت درجة هذه الظروف وعمقها، ولكن يبقى المثقف الخليجي يعاني، ما لم تُفعل هذه التوصيات، أو تستحدث قراراتٍ تخدم هذا المثقف أو ذاك في مجالات تجعله عزيزًا وكريمًا، ذو عطاء يفتخر به وطنه قبل الآخرين.. وما المانع أن يكون هنالك اتحاد كتاب خليجي..؟ يهتم بالمبدع والمثقف الخليجي ويتبناه من كافة جوانبه الإبداعية والاجتماعية، المتعلقة به معنويًا و(ماديًا) حيث يعود عليه من ذلك بالغزارة الثقافية والعمق الإبداعي، وتبقى فكرة الاتحاد مجرد فكرة، يحلم بها كل مبدع ومثقف خليجي، وليس مثل هذه الأمنية بمستحيلة، في النظرة إلى تحويل دول مجلس التعاون الخليجي إلى إتحاد خليجي لدولها.!!