دون مقدِّمة..أعرف أنّها مخالفة صريحة للعرف الصحفي نلج إلى بواطن مستترة تحلّ داخل ضيفنا لهذا الأسبوع، نستنطق بعضًا من المخبوء أو المستور الذي علاه التّراب حتّى استوى على جوده، كي ندع الكلمةَ تأخذ حظها بسؤال مقتضب، ويعقبه على أديم الصّدق إجابة هي كذاك تنحو نحو الإجمال والاختصار .. فإلى كلمتنا كي يأتي الرّد من ضيفنا المفكر السّعودي الدكتور محمد الهرفي: ما بين عشية وضحها تتبدّل المواقف وتتغيّر الرّؤى فما كنّا بالأمس ضده أصبحنا اليوم معه .. د. محمد كيف تفسّر (شبق) الدُّعاة في التّعاطي مع الإعلام؛ خاصّة الفضائيّات وما يُسمّى بالإعلام الجديد؟ قديماً كانوا يشتهون ويستحون أما الآن فقد ذهب الحياء وبقيت الشهوة. يقولون إنّ بعض الدُّعاة يشترون (الأتباع)؛ كي يصلون إلى أعداد كبيرة .. هل تصدّق ذلك؟ هم يغرونهم وأولئك البسطاء يبيعون أنفسهم . عشرون مليون متابع لأحد المغردين الغربيّين في (توتير) .. وأصحابنا – هنا- نتفاخر بمليون متابع حتّى وصل الحال بنا إلى المباركات والتهنئات .. بِمَ تعلّق؟ العبرة عندي ليست في أعداد المتابعين بل في نوعية البضاعة المعروضة!! حاولت البحث عن المفكر الاسلامي د. محمد الهرفي في «الفيس بوك» و»التويتر» فلم أجده .. أينَ هي بوصلتك هذه الأيام؟ هناك قضايا أحسبها أكثر أهمية بالنسبة لي حالياً مع إيماني بأهمية ما أشرت إليه . تنقلّت ككاتبٍ من صحيفة إلى أخرى (دون تحديد أسماء) هل أنت مُزْعج للصُّحف؟ أم أنَّ الصُّحف هي التي تزعجك؟ أعتقد أنه إزعاج متبادل . قلت في محاضرة لك :» إنّ حرية التعبير جزء من الدين، وأن المرء إذا لم يفصح عن رأيه بصراحة اعتبر آثماً»، وأضفت «أية حرية أكبر من أن يجادل المرء ربه؟». أيّ حريّة تعنيها وقد تطاول البعض على كلّ المقدسات؟ هناك فرق بين الحرية والوقاحة. قامت الدّنيا ولم تقعد عندما تطاول (سفيه صغير) على مقام الرّسول لأكرم - صلّى الله عليه وسلّم -، ثمَّ تطاول الداعية د.محمد العريفي.. بماذا تفسر هذا التّحامل على السّفيه الصّغر والسكوت عن (الشّيخ ذلك الكبير)؟! خطأ الكبار أشد من خطأ الصغار، ولكن هناك فرق بين خطأ وآخر. وماذا عن دفاعك عن د. طارق الحبيب بالقول» « قرأت معظم ما كتب عن الأخ طارق الحبيب تعليقا على كلامه عن المصطفى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وربما يكون ألمي أكثر من غيري لأنني أعرف عن يقين أن د.طارق لا يعني مطلقا ما فهم عنه وفي الوقت نفسه كان كلامه مسيئا بحق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم..». كيف لنا أن نفسّر هذه اللّغة الحميمة والعبارات اللطيفة؟ كنت واضحاً في أن طارقاً أخطأ، وكنت واثقاً أنه لم يتعمد الخطأ ولهذا جاءت كلماتي مناسبة لاعتقادي. ترفض إطلاق إسلامي أو للبرالي أو علماني على الكُتَّاب أو المفكرين .. علمًا أنّ منهم من يحب إطلاق هذه الألقاب عليه؛ بل ويفاخر .. كيف تفسّر ذلك ..؟ وهل تخاف أن يطلق عليك لقب من تلك الألقاب؟ قلت عن «عبد الرحمن الحبيب» إنه ليبرالي لأنه وصف نفسه بذلك، أما الاجتهاد فقد يكون خطأ ، وأنا أتحاشى الخطأ. حدَث سجالٌ بينك وبين الكاتبة ليلى الأحدب وصل إلى أروقة المحاكم .. إلى أين وصلت القضيّة؟ وهل يصحّ حشر المحاكم في قضايا فكريّة يتبارى فيها الكُتّاب؟ كاد ولم يصل وانتهى باعتذارها في «الوطن». تُتّهم مقالاتك بأنّها ردود أفعال لا تخدم أي قضيّة !.. وغالبًا ما تكون الردود في أشياء هامشيّة لا صلة لها بالقضايا الجوهريّة؟ هكذا تتهم! لكل أحد أن يهتم كما يشاء، ويكفيني أنني مرتاح بما أكتب. د. عبدالله الغذامي قال بعدم وجود ما يُسمّى بالتّيار اليبرالي في السعودية.. هل ما أكده د.الغذامي يؤكده د.الهرفي؟ هناك ليبراليون ولكنهم لا يشكلون تياراً مع اعتقادي بقوة تأثيرهم . ..وبماذا تفسّر هذه التّراجعات التي يُعْلن عنها ممّن ينتمون إلى التّيار اليبرالي؟ المتراجعون خرجوا من المستنقع الذي كانوا فيه والمسمى «ليبرالية» وهو أبعد ما يكون عن الليبرالية بحسب أتباعه الذين يصدقون أحياناً. يقولون إنّ د. محمد الهرفي كاتب وطني حرّ لم يعط حقه في الإعلام بسب صراحته وغيرته على الدّين ثمّ الوطن .. هل أحسست أنك مهضوم الحقّ؟ لم أشعر بذلك وأحمد الله على ما أنا فيه. قلت د. خالص جلبي:» معروف بسخريته من علماء المسلمين وأنه عادة ما يطلق عليهم مسمى (الدراويش) لكنّه يعتبر علماء الغرب سادة الفكر والعلم والأدب». لماذا هذه الخصومة مع الجلبي وتناسيت ما يقول به المفكر السعودي إبراهيم البليهي: «لا فضل للحضارة العربية على الحضارة الغربية وأن ما أخذه الغرب عن العرب ما هي إلا بضاعتهم ردة إليهم»؟. من مساوئ « جلبي» تأثيره على «البليهي» ولكن البليهي أفضل من جلبي بكثير. اتّهمت الدَّاعيين د.سلمان العودة ود. يوسف القرضاوي بخرق المقاطعة المناصرة للرسول صلى الله عليه وسلم، وطالبت بأن تكون (المقطاعة ثقافة).. بعد أن انتهت ردة الفعل تلك.. هل لا زلت تدعو إلى تبني ثقافة المقاطعة؟ رأيي لم يتغير، لو قاطعنا الغلاء لرخصت الأسعار، ولو قاطعنا الأعداء لكسرنا شوكتهم.