أكد فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء في تصريح ل»المدينة» أن المتطاولين على الرسول صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله - سبب ما قاموا به هو المنهل الذي شربوا منه مشرب أسىً فلوا هدوا إلى المشرب الحق لما تجرأوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى هذا القول، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد حفظه الله عز وجل من قبل وقال: (إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ) أما هم فيعود وبال ذلك عليهم لكن ينبغي على شبابنا أن يكونوا أكثر حرصا على أن لا ينهلوا من أي وعاء يعرض عليهم . جاء ذلك في محاضرة ألقاها فضيلته صباح يوم أمس ضمن سلسلة المحاضرات التي يقيمها كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية بجامعة الملك عبدالعزيز بعنوان القيم الأخلاقية في السيرة النبوية،حيث استعرض فضيلته بعض القيم الأخلاقية لرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: لا يوجد عاقل يستكبر أو يأنف أن يتبع هديه صلى الله عليه وسلم وهو شمس ساطعة ومع ذلك سوف نقف وقفات يسيرات مع كمال خلقه صلى الله عليه وسلم. فمن أعظم ما منّ الله عز وجل عليه صلى الله عليه وسلم رحلة الإسراء والمعراج التي كانت قبل هجرته من مكة إلى المدينة ومن رحلته هذه نستطيع أن نستنبط قيمة أخلاقة عندما أوحى الله عز وجل له أن يأمر أمته بالصلاة وعددها خمسون فريضة فعندما رجع لقيه أخاه موسى فقال له: راجع ربك إن أمتك لن تطيق هذا، فرجع صلى الله عليه وسلم إلى ربه ثم رجع إلى موسى، وهكذا جلس يتردد ما بين ربه وموسى ابن عمران عليه السلام فقال لموسى: إنني استحييت من ربي فناداه ربه أنها خمسون في الأجر خمسًا في العدد، فالقيم الأخلاقية هنا هي قيمة الحياء مع الله عز وجل لأن العبد إذا رزق بقيمة الحياء مع الله عز وجل وفق لكل خير، أما اذا أرد الله عز وجل أن يخذل العبد فلن يرزقه الحياء منه عز وجل فالعبد إذا أقدم على معصية الله فهو لن يبالي بعد ذلك في أن يعلنه ويجهر به لأنه غاب عن قلبه عظيم أجر الحياء من الله عز وجل على النفوس المؤمنة، فإن العبد إذا أنعم الله عز وجل عليه بنعمة يستحي أن تكون هذه النعمة في معصية الله عز وجل. أما القيمة الأخلاقية الثانية لرسول صلى الله عليه وسلم عندما نوى الهجرة إلى المدينة وأمر علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه ويرد الأمانات والودائع إلى كفار قريش فهو صلى الله عليه وسلم بقي على خلقه بالرغم من تغير العداء، فهذا هو حال رسول الله صلى الله وسلم مع أعدائه وأعداء الله فكيف حاله مع المسلمين، فبعضنا في هذا الزمان يختلف مع غيره في مسألة فقهية فهذا يسب وهذا يلعن وهذا يقول أقوالا لا تحتملها المسألة ويظنون أن هذا جهادًا في سبيل الله، به تقوم الأمة وتحرر الأقلام، وما ذلك إلا من الشيطان يوقع بينه وبين أخيه . والقيمة الأخلاقية الثالثة للمصطفى صلى الله عليه وسلم كانت عندما دخل المدينة وكان الناس يرحبون به وهو على ناقته فيقول له الخزرج: هلم إلى هاهنا يا رسول الله، يقول (خلو سبيلها فإنها مأمورة)، ويقول الأوس نفس القضية ويقول عليه الصلاة والسلام (خلوا سبيلها فإنها مأمورة)، فلما بركت الناقة وقامت تركها النبي صلى الله عليه وسلم حتى تبرك ولم ينزل، ثم قامت وجالت جولة ثم رجعت وبركت في موطنها الأول، هنا لم ينزل عليه الصلاة والسلام حتى لا يقولن قائل لو نزل عند الأوس لقال الخزرج مال علينا من أول يوم، ولو نزل عند الخزرج لقالت الأوس ذلك. أما القيمة الأخلاقية الرابعة فهي تعظيم حرمات الله عز وجل واستشهد بقصة الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية عندما حلق رأسه كما نهى عن استهزاء بعض الأشخاص هذه الأيام بأصوات المؤذنين على سبيل المثال أو الاستمرار بالفجور والمعاصي وهو يسمع الأذان لأنه من أعظم شعائر الدين، كما أنه لا يقبل من مؤمن أن تمر عليه أيام وليالٍ وهو لم يفتح القرآن الكريم . وذكر أن القيمة الأخلاقية الخامسة لرسول صلى الله عليه وسلم شجاعته واستدل بقصته عندما وقف على ظهر بغلته وهو يردد أنا ابن عبدالمطلب أنا النبي لا كذب، ذاكرًا أن القائد العظيم لا تؤثر فيه آراء العامة من الناس وإنما ينطلق من علم وروية، وأن لا تكون شجاعته شجاعة تهور . كما كانت القيمة الأخلاقية السادسة حينما قال إن الناس تقبل منك القول إذا بدأت به نفسك وأهل بيتك واستدل بذلك عندما وقف الرسول صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وقال إن دم الجاهلية موضوع وإن الربا موضوع وأول ربا أضعه هو ربا العباس ابن عبدالمطلب فبدأ هنا صلى الله عليه وسلم بأهل بيته. أما القيمة الأخلاقية السابعة هي جبر الخواطر وإكرام النفس فاستخلصها من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما عاد من حجة الوداع ومرض الموت ودخل عليه أسامة بن زيد ورفع الرسول صلى الله عليه وسلم يده واستشعر أسامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو له فهنا نعلم أن الفضاضة والغلظة ليست من منهج الإيمان، كما استشهد أيضا بفرح فاطمة رضي الله عنها عندما علمت أنها أول من يلحق بالرسول صلى الله عليه وسلم وأنها سيدة نساء الجنة . * بعد ذلك كان للحضور أسئلة أجاب على كافتها، * إحدى الحاضرات سألت عن كيفية تحبيب الأبناء في الصلاة ؟ وقال أن من أعظم أساليب التربية تربية من لا يخشى أحدًا إلا الله عز وجل فلقد أخذت ابني هاشم قبل أعوام إلى الحج فعندما عرضت عليه الأمر قال أنا أحب مرافقتك يا والدي لكنني أخاف عندما أذهب معك أن يقال عني أنني ابن الشيخ فلان وأقع في حرج لأنني لا أحفظ من القرآن الكريم إلا سورًا يسيره ولم أطلب العلم ولا أحفظ متنًا فأخاف أن أقع في حرج. لذلك سوف أحج مع أصدقائي مستقبلًا. فلم أسمح له ووعدته بأن أكفيه الأمر الذي هو متخوف منه فلما حججنا وجدت أعيان الحملة التي حججنا فيها وطلبة العلم وغيرهم ينتظرونني وأنا مع ابني الذي كان يومها في السادسة عشر من عمره تجمع الشباب في المخيم عندما سمعوا أن ابن الشيخ يرافقه يريدون سؤاله ، فعندما أنتهينا من السلام على الناس عرفتهم بابني وقلت لهم هذا ابني هاشم سوف يحج معي وهو يشجع النادي الفلاني فسألوه أي سؤال رياضي يستطيع أن يجيبكم لكن لا تسألونه أي سؤال متعلق بالدين فهو شاب بار بي وبار بأمه، ولا أعلمه يترك الصلاة، فبعدها كل من يريد أن يسأل ابن الشيخ ويريد أن يختبره رماه فبعد أن خرج الجميع قلت له: إن الله شهيد فأنا الآن أخرجتك من سلطة بني آدم فلم يبقي إلا الله فإن كنت تخشي الله عز وجل حج لوحدك فاليوم الجميع يعلم أنك رياضي فلن يتبعونك ويرون كيف تؤدي مناسك الحج، لكن الآن عظم ربك وحج فلا رقيب معك إلا الله عز وجل، كما ذكر فضيلته أن لديه أربعة من الأبناء اثنان ذكور واثنان إناث وأنه محترم خصوصيتهم ولم يفتح في يوم من الأيام جوال أحدهم أو كمبيوتره. لا تتدخل في خصوصياتهم؛ لأن لكل أحد حرمة وخصوصية لا تقربها أيًا كان حالك.. علّمه كيف يقف ويحاسب نفسه مع ربه.