انتقد مستثمرون وخبراء في سوق الطيران السعودي السياسات التي تتبعها الهيئة العامة للطيران المدني في التمييز بين الشركات المشغلة للرحلات الداخلية. وأكدوا أنه كان من الأولى على الهيئة أن تعالج المعوقات التي تواجه الشركات العاملة في هذه السوق قبل أن تطرح رخصة جديدة للمستثمرين لكي تكون السوق مشجعة للاستثمار والنمو والتطور، مشيرين إلى أن انسحاب شركة «سما» كان الإنذار الأول لهذه السوق وحذروا في الوقت نفسه من أن الشركات العاملة حاليًا المتبقية قد تتسبب هذه المعوقات في توقف عملياتها في أي لحظة. وأشاروا إلى أن الهيئة تتعامل بمحاباة مع ناقل جوي واحد في المقابل ترفع الرسوم وأسعار الوقود على الشركات الأخرى الأمر الذي أصبحت فيه سوق النقل الجوي السعودي لاتشجع على الاستثمار. وكانت الهيئة العامة للطيران المدني قد طرحت في أوائل هذا العام رخصة للنقل الجوي الداخلي والدولي أمام المستثمرين وتقدمت 14 شركة وينتظر إعلان بقية تفاصيل الشروط الواجب توفرها في المشغل الجديد لرخصة الطيران المطروحة. الدباغ: محاباة شركة على حساب الآخرين وانتقد الدكتور عدنان الدباغ الرئيس التنفيذي لشركة الوفير للطيران، السياسة التي تتبعها الهيئة العامة للطيران المدني في التعامل مع الشركات المشغلة في سوق الطيران السعودي، واعتبر الدباغ أن السوق السعودي يعاني من عدم وجود بيئة مشجعة للتنافس بين الشركات المشغلة. واتهم الدباغ (الذي يرأس إحدى ثلاث شركات مرخص لها من الهيئة بتسيير رحلات داخلية وخارجية في المملكة) محاباة الهيئة لشركات طيران على حساب أخرى سواء فيما يتعلق برسوم الوقود أو رسوم الصعود والهبوط والإيواء. وقال: هناك مشاكل حقيقية تواجه شركات الطيران في السوق السعودي دفع البعض من هذه الشركات إلى التوقف وإعلان إفلاسها ومثال على ذلك توقف شركة «طيران سما» على الرغم مما أسهمت فيه من حلول لأزمة الطيران خلال وجودها في السوق، مشيرًا إلى أن نفس المعوقات التي أجبرت «سما» على التوقف لاتزال مستمرة. وأضاف الدباغ بقوله: للأسف الشديد أن مايحدث في سوق الطيران السعودي وما تتعرض له جميع الشركات باستثناء ناقل واحد سيدفع المزيد إلى التوقف ونحن في طيران الوفير قدمنا كل الدعم للاستمرار ولكن الخوف كل الخوف أن نعلن خلال الأشهر المقبلة توقفنا إذا استمر الوضع على ماهو عليه لأنه من غير المعقول أن تتفنن هيئة الطيران في تحميلنا رسومًا باهضة وآخرين يدفعون القليل، ويتفنون أيضًا في مراقبتنا ومتابعتنا في كل صغيرة وكبيرة وتترك الغير دون مراقبة أو متابعة. وبيّن الدباغ أن البنية التحتية في سوق الطيران السعودي حاليًا لاتشجع بأي حال من الأحوال في العمل في هذه السوق على الرغم من أن حاجة السوق كبيرة الطلب يتزايد والسوق تحتاج لأكثر من أربع شركات طيران. وطالب الدباغ هيئة الطيران المدني بعدم الكيل بمكيالين والتعامل مع الجميع في الرسوم وغيرها بعدل ودون محاباة شركات على حساب اخرى. الطيار: الرخصة الجديدة إيجابية والسوق بحاجتها وفي ذات السياق اتفق الدكتور ناصر الطيار رئيس مجموعة الطيار للسفر والسياحة مع الدكتور الدباغ في أن العاملين في قطاع الطيران السعودي غير قادرين طوال السنوات الماضية على تلبية احتياجات السوق والطلب المتزايد في هذا المجال، مبينًا أن حاجة السوق السعودي تتجاوز الشركة والشركتين إلى أكثر من خمس شركات نقل جوي داخلي وهذه أصبحت حاجة ملحة في مقابل حجم الطلب المتزايد وغياب وسائل النقل المتعدده، مؤكدًا على أن هذه الحاجة تفرضها عوامل اقتصادية واجتماعية مثل ارتفاع معدل النمو السكاني وارتفاع حجم المشاريع الاستثمارية في مختلف المناطق. وقال الطيار: إن فتح التراخيص للمستثمرين أمر إيجابي وأن دخول المنافسين إلى سوق النقل الجوي المحلي سيخلق نوعًا من التنافس في أسعار التذاكر لينعكس ذلك بالإيجاب على مصلحة المستهلك إضافة إلى أنه سيساهم في رقي الخدمات المقدمة من قبل المشغلين الجدد. وأشار الطيارإلى أن هناك معوقات ستواجه المستثمرين الجدد في ذلك القطاع وتلك المعوقات تكمن في العملية التشغيلية حيث ستكون مرتفعة بحسب أسعار الوقود في السعودية مقارنة بالدول الأخرى. سما: قامونا كثيرًا ولكن المعوقات أكبر من أن تحتمل وأوضح مسؤول في شركة «طيران سما» -التي انسحبت من السوق- (فضل عدم ذكر اسمه) أن سوق الطيران السعودي يعاني من معوقات دفعت «سما» إلى التوقف والانسحاب على الرغم من حاجة السوق إلى أكثر من مشغل في ظل ارتفاع الطلب وقلة وسائل النقل السريعة، مشيرًا إلى أن التنظيم الحالي للمشغلين لم يكن مشجعًا للمنافسة وكان من المفترض أن يكون الدعم للمنافسين في ظل حاجة السوق. وحول انسحاب «سما» السريع من السوق قال المصدر «نحن دعمنا شركتنا وقمنا بضخ المزيد من الأموال الطائلة لتستمر في السوق ولكن للأسف المعوقات كانت أكبر من أن تحتمل». لكن المصدر استطرد وأكد ثائلاً: إن كراسة التقدم للرخصة الجديدة وتصريحات المسؤولين في هيئة الطيران المدني قد تشير إلى أن هناك معالجة للسلبيات التي تواجه قطاع الطيران الداخلي في المملكة، وبالتالي فإنه إذا عولجت كل المعوقات ونفذت تصريحات مسؤولي الهيئة فإن توقعاتنا تشير إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد نقلة كبيرة في سوق الطيران السعودي خاصة وأنه سوق واعد حيث تعاني هذه السوق حاليًا من نقص واضح في العرض مقابل الطلب. الهيئة:السوق لايستوعب وعلى النقيض من ذلك فإن المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للطيران المدني خالد الخيبري يؤكد أن السوق السعودي لايستوعب المزيد من شركات الطيران على اعتبار أن توزيع العدد الحالي من المسافرين على شركات الطيران المشغلة الحالية والمستقبلية سيكون كافيًا لتلبية احتياجات السوق وحاجة المشغل. مشيرًا إلى أن الرخصة الجديدة طرحت لشركات النقل الجوي والمستثمرين المحليين والدوليين الذين لهم كيانات سابقة في السعودية بمميزات تساهم في الجذب. وأكتفى الخيبري بالقول: خلال الأيام القليلة القادمة سنعلن كافة التفاصيل الخاصة بالرخصة الجديدة.السعودية: السوق تنمو بسرعة أما عبدالله الأجهرمساعد مديرعام الخطوط السعودية للعلاقات العامة فقد أكد من جهته أن السوق السعودي بات يشهد نموًا في حركة السفر الداخلي متوقعًا وصول الحركة الداخلية إلى 20 مليون مسافر خلال عام 2018، مشيرًا إلى أن قرر طرح رخصة المشغل الجوي الداخلي والدولي سيُمكن الخطوط السعودية من التركيز على المواقع ذات السعة المقعدية الكبيرة لتطويرالخدمات.