لم يكن مستغربًا أن تكون هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بالمملكة التابعة لرابطة العالم الإسلامي، الراعي الذهبي لمؤتمر ومعرض دبي العالمي للإغاثة والتطوير (ديهاد) في دورته التاسعة التي انعقدت في مدينة دبي من الأحد 9/5/1433ه إلى الثلاثاء 11/5/1433ه تحت شعار "دور الشباب الريادي في عملية التنمية والتطوير" برعاية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. لم تكن تلك الرعاية من الهيئة مستغربة كونها كبرى المنظمات الخيرية والإنسانية في العالم الإسلامي وأم الهيئات التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وكون هذا الحدث العالمي يعتبر أكبر تجمع للمنظمات والهيئات العاملة في الإغاثة في العالم كله، فقد شاركت فيه أكثر من 275 مؤسسة ومنظمة وشركة عارضة من 66 دولة تشارك في المعرض المرافق للمؤتمر. ويمثلون جميعًا القطاع الحكومي والقطاع الخاص وهيئات التبرعات والقطاع الصحي ومزودي الأدوات والمساعدات الطبية والمستشفيات المتنقلة. لذلك فإن مؤتمر ومعرض (ديهاد) يعد أكبر حدث متخصص في مجال الإغاثة والتطوير في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويسعى المؤتمر إلى إيجاد أفضل الحلول والتطبيقات في العمل الإغاثي عن طريق التفاعل البناء والمباشر بين الهيئات والمنظمات العاملة في مجال الإغاثة والعمل الخيري والإنساني والمساعدات الإنسانية إضافة إلى التطوير، كما يساهم المؤتمر في تعزيز الشراكات في قطاع التنمية المستدامة. وكانت هيئة الإغاثة العالمية بالمملكة على رأس الداعمين للمؤتمر من المنظمات الإغاثية الإقليمية والعالمية، والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، ومدينة الخدمات الإنسانية العالمية ودبي للعطاء. وخلال تسعة أعوام هي عمر المؤتمر استطاع أن يجمع سائر المنظمات والهيئات العاملة في مجال الإغاثة والحقل الخيري عمومًا تحت سقف واحد للعمل معًا من أجل دعم المجتمعات الإنسانية وتقديم كل أنواع المساعدات اللوجستية والتقنية اللازمة في هذا المجال، فقد سعت المنظمات والهيئات المشاركة إلى تقديم النصائح والمشورة وإيجاد الحلول التي من شأنها أن ترفع المستوى المعيشي للمجتمعات الإنسانية المنكوبة، والعمل على النهوض بالتعليم إضافة إلى نقل الخبرات لهذه المجتمعات التي تعينها على الاستجابة السريعة والفعالة خلال الأزمات والكوارث، وقد ركزت جلسات المؤتمر وأوراقه على الشباب ودوره في التنمية، وهو ما أكدته الأميرة هيا بنت الحسين في كلمتها في حفل الافتتاح التي أبانت أننا "نتطلع إلى شبابنا لمساعدتنا في تصور عالم جديد، وحثّت على إعطاء الشباب دورًا معياريًا في صياغة أجندة التنمية العالمية أو في المساعدة على إيجاد سبل جديدة لإنهاء الصراعات السياسية التي تستنزف طاقاتنا ومواردنا"، كما جاء في كلمتها باللغة الإنجليزية. وإضافة إلى رعاية هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية للمؤتمر فقد كانت لها ورقة عمل مهمة استقطبت اهتمام المشاركين من كل أنحاء العالم، فقد كانت الورقة بعنوان: "مشاركة الشباب في العمل التطوعي: المعوقات والمحفزات"، وقد ركزت الورقة على العمل التطوعي باعتباره من أهم الوسائل الفاعلة في تنمية المجتمعات والنهوض بها في عصرنا الحالي ويكتسب هذا العمل أهمية متزايدة يومًا بعد يوم سواء في البلدان المتقدمة أو النامية. وأشارت ورقة الهيئة إلى دراسة ميدانية أجرتها الشبكة العربية للمنظمات الأهلية وجدت أن الشباب العربي من سن 15 إلى 30 عامًا هم أقل فئات المجتمع اهتمامًا بالعمل التطوعي، وهو ما يثير التساؤل عن الأسباب المؤدية إلى عزوف الشباب عن المشاركة في العمل التطوعي، وهي القضية التي ناقشتها الورقة التي تحدثت عن الشباب والمسؤولية الاجتماعية ومعوقات المشاركة في العمل التطوعي المتعلقة بالشباب، والمؤسسات المستقبِلة للمتطوعين والمجتمع بشكل عام، كما بيّنت سبل تحفيز المتطوعين، وختمت الورقة باستعراض بعض تجارب هيئة الإغاثة في العمل التطوعي كما حصل في سيول جدة وفي بعض حملات الهيئة الإغاثية داخل المملكة التي شارك فيها الكثير من الشباب المتطوع. إن إنجاح هذا المؤتمر يدفعنا دفعًا للتساؤل: لِمَ لا تكون لدينا في المملكة مؤتمرات مماثلة أو أكبر حجمًا، ونحن نحتضن كبرى الهيئات الخيرية والإنسانية الإسلامية في العالم أجمع؟ وقبل هذا وذاك نحتضن رابطة العالم الإسلامي إضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية وسواها كثير، ولعلها فرصة سانحة أن ندعو بقوة لأن يكون لدينا مؤتمر سنوي عالمي للعمل الخيري في المملكة.