جاء في مقال نشرته إحدى الصحف بعنوان :لماذا يعترض الفلكيون؟...للأخ الدكتور سعد بن عبد القادر القويعي، يرد فيه على معالي الشيخ الدكتور صالح الفوزان في مسألة رؤية الهلال. قال في أول مقاله :إن مدينة الملك عبدالعزيز للتقنية تولي أهمية بالغة...إلى قوله: فلا وجود للأخطاء في الحسابات الفلكية بإذن الله...فأقول هذه مغالطة عجيبة وما حدث قبل فترة من الاختلاف بين الفلكيين أنفسهم ورفع الدعاوى والبلبلة العجيبة ماذا يسمى وخروج بعضهم بما يخالف الآخر بماذا يسمى سعادة الدكتور؟ والاختلافات الكثيرة في علم الفلك وأحوال التقاويم بماذا نسميه؟ ثم زعمت» أن الفلكيين لايريدون استبدال الرؤية بالاعتماد على الحساب بل هم مدركون حقيقة قول الرسول صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته...لكنهم يريدون أن يكون صومنا وفطرنا لرؤية الهلال كما أمر عليه الصلاة والسلام وليس لشيء يشبه الهلال».فأقول :إن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتبر لعبادة الأمة الرؤية المجردة مع علمه صلى الله عليه وسلم بما سيكون من اشتباه الهلال بغيره ومع ذلك اعتبر الرؤية المجردة ولم ينبه الأمة بذلك وقد قبل الله من الأمة ذلك فلا يزاد على ما قبله الله تعالى حيث إن النص واضح غاية الوضوح وقد كان الحساب معروفا في زمانهم بدليل قوله (لانحسب)فلم يحل عليه ولم يعول في عبادة الأمة عليه بل قد صرح إذا لم نستطع رؤية الهلال أن نجعل الشهر ثلاثين يوما وقال الشهر هكذا وأشار بيده في الحديث فقد حصر الشهر في ثلاثين أو تسعة وعشرين يوما فإما أن نرى الهلال أو نتم العدد فلماذا نقيم الدنيا ولا نقعدها كل فترة والأمر بسيط وسهل وهذا معنى كوننا أمة أمية كما سيأتي– أقول لماذا نقيم الدنيا ولا نقعدها ونأتي بالقصص السمجة وقصص القضاة والرائين ما دخل هذا في هذا؟فكل مجال فيه أخطاء والأخطاء لا تنسب للمذهب بل لتصرف أصحابها.ولو افترضنا ما تقولونه صحيح؛ ماذا عن صوم الأمة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أكيد أنهم في مرة من المرات اشتبه عليهم هلال الرؤية بالهلال المشتبه المزعوم عندك هلال المشتري أو غيره كما زعم عباقرتك الفلكيون. فما حكم صومهم وهل النبي صلى الله عليه وسلم قصر في بيان الحكم الشرعي أم أنه ربطه بوصف ظاهر منضبط محكم وهي الرؤية أو الإتمام فهذه رؤية منضبطة وعلة واضحة ووصف ظاهر مضطرد يبنى عليه الحكم أما تخمينات الفلكيين والاختلاف الذي لم تخل منه جرائدنا الغراء المتميزة في نشر الخلاف وإثارة البلبلة ومنها مقالك هذا.فإلى الآن لم يأت الفلك بأحسن من الرؤية البصرية المعتمدة على قول أهل الخبرة وهذا منطوق كلام النبي صلى الله عليه وسلم فالعلة وصف ظاهر منضبط يصح اعتماد الحكم عليه وكلام الفلكيين حتى الآن لم يصر وصفا ظاهرا منضبطا لنبني عليه الحكم ولسنا في حاجة للنظر في ما يقولون إذا حددت الشريعة لنا طريقة إثبات الهلال،أما ما سواه من علوم الفلك فمما يستفاد منه قطعا!أما في هذه الجزئية نعود لما ألزمتنا به الشريعة فقط وهو الرؤية المعروفة لا الحساب المزعوم فلسنا في حاجة إليه لأن الشريعة لم تكلفنا في ذلك إلا بالرؤية وفقط أما الحساب فيستفاد منه في أمور أخرى لا تتعارض مع النص وهذا لا يفهم منه إهمال علم الفلك فهو مهمل فيما جاءتنا به الشريعة من طريقة لإثبات العبادة أما ما سواها فعلم ينتفع منه وهو مفيد لا سيما فيما اتفق فيه الفلكيون.فهذا الخلط الذي نعاني منه إلى متى ينتهي فأنت في واد وكلام الشيخ في واد فكل ما تعلق بعبادتنا لا نروم له فلكا لأن هذه عبادة والأصل في العبادة التوقف على ما جاء به النص ومايتعلق بالعبادة فنكل علمه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أعلم منا بديننا، أما شؤون الدنيا فلا حرج من الاستفادة منها،وهذا الفرق بين أمور الدين وأمور الدنيا لأنه صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الأمر من أمور الدين فإليّ وإذا كان الأمر من أمور دنياكم فإليكم فيا ليت تفهم أن هذا لا يضيركم شيئا لو اعتمدنا على مجرد الرؤية وتركنا الحساب جملة في إثبات دخول العبادة وخروجها ما الذي يضيرك وينغص عليك أن صارت الأمة في إثبات دخول الشهر بالرؤية بشروطها المعتبرة. ولم نخالف ونعترض على الأرصاد أو وقت الكسوف لم نعترض عليكم في هذا لأن الكسوف مجال الخطأ فيه قليل ليس كالرؤية وهذا من التلبيس الذي تناولته في مقالك.فالكسوف والخسوف غير يا أخي لأن الكسوف وبكل بساطة إذا أخبر عنه الفلكيون ولم يقع لم يترتب عليه فتنة ولا اختلاف والظاهرة غالبا تكذب الفلكييين أو تصدقهم فالأمر فيها هين فلو قال الفلكيون لدينا كسوف ولم يقع فلم يقع فيها مشكلة وإن وقع هرع الناس للصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم «فإذا رأيتموهما فقوموا فصلوا «كما في صحيح البخاري وإذا أخبرنا الفلكيون أنه يوجد كسوف في الساعة كذا ولم نر شيئا لا يجوز الاعتداد بقوله إن صح ذلك لكن يذاع ليستعد الناس لعله لا يمنع منه مانع شرعي فيما أعلم وإن كنت أرى عدم الإعلان لأمر شرعي آخر ليس هذا مجاله،لأن معنى مفاجأة الناس بالآية مطلب شرعي لكي يهرع الناس للصلاة لكن الفلكيين ضيعوا على الناس لذة العبادة. ثم زعمت أن نتائج العلوم المتطورة من الفلك والطب وغيرها قطعية!فأجيبك باختصار لما كانت قطعية لماذا يختلفون ويتراشقون على صفحات الجرائد وهذا يكذب هذا وهذا يدعي على هذا بالجهل فلم التدليس ياأخي هل تعرف ماذا حدث في آخر مرة أم أنك لا تريد أن تعرف أم تتناسى فهذا عجيب!فالكون يا أخي في اتساع وما عرفوه اليوم قد يجدونه غلطا بعد قليل وهذا لا يضيرنا فأمور العبادة لا نحتاج فيها إلى كل ذلك التقدم المذهل المحير القطعي المزعوم لأن ديننا بسيط سهل لا تعقيد فيه ولا تكلف فإنه يعتمد على مجرد الرؤية وهذا معنى كوننا أمة أمية لا نحسب الشهر هكذا هكذا هكذا أو هكذا.فهل يشك عاقل أي الفريقين أحق بالأمن، كما أن الشريعة لا تكلفنا ما يشككنا في ديننا. وأسوق إليك الاختلاف بينهم أعني من اعتبر من الدول بالحساب الفلكي فهي منقسمة على مجموعات فرعية ثلاث كلهم يختلفون في وقت اعتبار الهلال،وأنواع الشهر القمري مختلف تبعا لاختلافهم حتى نعرف مقدار التلبيس في زعمك أن نتائج الفلكية قطعية فإنهم مجموعات كثيرة وليس كما زعمت: أ-فمجموعة تتمسك بأنه إذا كان مكث الهلال بعد غروب شمس يوم 29 في الشهر الهجري ولو بدقيقة واحدة يصبح اليوم التالي هو بداية الشهر الهجري الجديد (كما في تونس). ب-مجموعة تأخذ بمقررات المؤتمر الإسلامي في أسطنبول عام 1978وهو أنه لابد أن يكون ارتفاع القمر فوق الأفق بمقدار(5)درجات ويكون بعد القمر عن الشمس (الاستطالة) بمقدار (7) درجات أي أن مكث القمر بعد غروب شمس يوم 29 في الشهر الهجري يجب أن لا يقل عن 20دقيقة (كما في تركيا والجزائر). ج-مجموعة تأخذ بميلاد القمر الجديد ew moon N وتعتبر بداية الشهر الهجري بعد لحظة الاقتران (كما في ليبيا) وهذا مخالف للشريعة الإسلامية لأن الشهر الهجري شهر هلالي أي من هلال إلى هلال،كما أفتى بذلك الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر الأسبق في كتابة الفتاوى في فصل (صيام أهل القطبين). د- مجموعة ماليزيا وبروناي وأندونسيا وهي تشترط أن يكون عمر الهلال أكثر من 8 ساعات وارتفاع القمر فوق الأفق أكبر من درجتين قوسيه والبعد الزاوي أكبر من 3 درجات قوسية. يتبع.. الأستاذ بالجامعة الإسلامية وعضو فقهاء الشريعة