صدر مؤخرًا عن دار الرمك للنشر بجدة كتاب «لكل شاعر حكاية»، وديوان «مداد من غيوم» من تأليف الأستاذ سعد عبدالله الغريبي.. وذلك تزامنًا مع تنظيم العديد من المحافل الثقافية التي قدم فيها الإصدارين بحضور المؤلّف أبرزها معرض الكتاب الدولي الخامس والخمسين في بيروت الذي استضافه في برنامجه الثقافي في أمسية شعرية حضرها سعادة الملحق السعودي الثقافي في لبنان وحشد من المثقفين. يتناول كتاب لكل شاعر حكاية عشرة من الشعراء على مر العصور ابتداء من العصر الجاهلي إلى عصرنا الحاضر، يسلط الضوء في كل مرة على صفة من صفات الشاعر التي غلبت عليه لتكون عناصر حكاياته، ولذلك جاء اسم الشاعر في عنوان كل فصل -غالبًا- متبوعًا بهذه الصفة. قائمة هؤلاء الشعراء شملت كلًا من أبو ذؤيب الهذلي - مسكين الدارمي - عبدالرحمن بن أبي عمار - يزيد بن الطثرية - أبو دلامة - المعتمد بن عباد - ابن عنين - البهاء زهير - زكي قنصل - حمد العسعوس. وليس هدف هذا الكتاب أن يقدم دراسة تفصيلية عن حياة الشاعر وشعره، وهو ليس كتابًا في النقد أو تحليل النصوص والمضامين وإن توقف المؤلف عند بعض النصوص وأبدى فيها رأيه، ولا هو كتاب في التاريخ الأدبي أو السياسي وإن وقف وقفات تأمل لبعض الأحداث التي لا بد منها لإحاطة القارئ بظروف الشاعر أو ظروف القصيدة.. وإنما جاء الكتاب بطابع ترويحي خفيف، يتضمن حكايات طريفة مسلية لبعضهم، وقصصًا محزنة، ونهايات مأساوية لآخرين، وقدم بأسلوب شيق نماذج لشعراء نذروا أنفسهم للحب وأخلصوا له، وشعراء اتخذوا الحب تقليدًا أو تسلية، وفيه أمثلة لشعراء مكافحين أمضوا حياتهم بحثًا عن كرامة أو منصب أو حتى لقمة عيش، وآخرين لاهين عابثين يعيشون عالة على المحسنين، ويستخدمون لذلك شتى الوسائل من استجداء أو مديح كاذب أو حتى هجاء!! وهو ما جعل من الكتاب مساحة متنوعة يتنقل فيها القارئ من مكان لآخر عبر فضاء زمني متعدد. وقد عمد المؤلف إلى استنطاق الشاعر نفسه من خلال شعره، فرسم عبر القصائد صور هؤلاء الشعراء وسماتهم وسجاياهم نسجت عبرها حكاياتهم الممتعة، ولم يغفل المؤلف الاستشهاد بين الحين والآخر بأقوال النقاد عنهم من معاصرين ولاحقين. وحتى يحقق الكتاب مراده من تسلية القارئ تنوع أسلوب المؤلف في تقديم شخصيات الكتاب بما يتناسب وع طبيعة الشخصية، فلجأ تارة للسرد المباشر المطعم بحكايات واقعية أو متخيلة، وتارة كان يصنع حوارًا - حول الشاعر- بينه وبين صديق متذوق للأدب .. وطورا كان ينتقل لمقابلة الشاعر في عصره وبين أهله، وطورا يستحضره إلى عصرنا الحديث. أمّا ديوان «مداد من غيوم» فهو الديوان الأول للشاعر. ويعلل الشاعر تأخره في إصدار ديوانه إلى أنه كان يرى الشعر بوحا ذاتيًا لا يصح أن يطلع عليه الآخرون، إلاّ أنه لما استعرض ما كتب وجد أنه -رغم ذاتيته- يلامس مشاعر الآخرين ولا ينحصر في التجربة الشخصية للشاعر ذاته. يشتمل الديوان على أربع وعشرين قصيدة وثماني عشرة مقطوعة، ويقع في مائة وستين صفحة من القطع المتوسط. تحتل القصائد العمودية ثلث الديوان تقريبًا وقصائد التفعيلة الثلثين الآخرين. وتتنوع أغراض القصائد ما بين العاطفية والوطنية والاجتماعية إلا أن الغلبة هي للقصائد العاطفية.