حضرت ذات مرة نقاشًا كان معظمه رياضيًا ويدور حول ما يحصل عليه بعض اللاعبين من عقود كبيرة تصل لعدة ملايين (بارك الله لهم في مالهم) وتطور النقاش ليسأل أحدهم: هل اللاعب يعيش سعادة كبيرة وهو يحصل على هذا المال ولا يعتريه أي مشاكل أو منغصات في حياته، وأدلى كل بدلوه ورأيت أن أطرح وجهة نظري في هذا الموضوع عبر هذا المقال لعلها يكون فيها الفائدة لمن يقرأها من اللاعبين، وابدأ كلامي بالتوضيح بأن السعادة الحقيقية التي ينشدها أي لاعب أو أي إنسان لا تتحقق بمجرد حصوله على المال، نعم المال عصب الحياة وليس هناك من لا يحب الحصول عليه والسعي لأجله، ووجوده سيحل مشاكل كثيرة في حياته إذا أجاد استخدامه فيما يعود عليه بالنفع، وليس عيبًا أن يبحث الإنسان عن المال فالنفوس جبلت على ذلك، لكن السعادة الحقيقية تكون في رضا الله سبحانه وتعالى وإتباع أوامره وطاعة الوالدين ويكون المال تبعا لذلك، وقد يكون هناك سعادة يحصل عليها لكنها وقتية إذا لم يكن قريبًا من ربه محافظًا على الواجبات الدينية، ولعلي أستشهد في هذا الجانب بحديث قديم دار بيني ولاعب تربطني به صداقة والتقي به بين الحين والآخر وهو من اللاعبين المرموقين الذين كان يشار إليهم بالبنان، ويجمع بين الخلق والدين يقول لي ذلك اللاعب: إن بعض اللاعبين المشهورين يعيش أحيانا هموما لا تنتهي ومعاناة كبيرة وضغوطا نفسية بسبب المحافظة على مكانته كلاعب مشهور، ونجم لا يشق له غبار، وقد لمست ذلك في نفسي في فترة مضت، وعايشتها مع نجم مشهور كان يشاركني اللعب في النادي، حيث جاء إلي في إحدى المرات يقول: إني أعيش آلامًا وهمومًا كبيرة ولا أشعر بالسعادة رغم ما أملكه من مال. قلت له: من الطبيعي أن يعيش أحدنا ذلك ولا سيما إذا كان مفرطًا فيما بينه وبين ربه، قال لي: وما الحل. قلت له: أصلح ما بينك وبين ربك وأكثر من ذكره ومن قراءة القرآن وكثِّف من ذلك وستذهب بإذن الله. وذهب من عندي ولم أتعرض للحديث معه في شيء طيلة أيام ثلاثة فإذا به يأتيني فرحًا سعيدًا كأنه ملك الدنيا بين يديه، سألته عن سر ذلك، فقال: لم أكن أعلم أن في القرآن سعادتي وزوال همومي وغمومي. إلى هنا انتهى حديثه وأضيف لذلك أن وجود المال لدى اللاعب والاستفادة منه بما يعود عليه بالنفع في دنياه وآخرته سيجعل حياته أكثر سعادة وسيكون منتشيًا بذلك، أما إذا كان سيسخر ماله لشهواته ونزواته، وفيما لا يرضي ربه فهو قد يعيش سعادة وقتية في حينها ثم تزول ويعود بعدها للتألم والحسرة التي لا يشعر بها سواه ومن يعيش بالقرب منه، ويقول الشاعر: ولست أرى السعادة جمع مال** ولكن التقيَّ هو السعيدُ والتقي هنا هو المطيع لربه.. نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.