أولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا، وعناية فائقة بالآثار والتراث الوطني، وذلك منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - وأبنائه من بعده؛ حيث بادرت الدولة بإنشاء إدارة للآثار عام 1382ه، تلا ذلك صدور نظام الآثار عام 1392ه، وقد شكل إصدار النظام المظلة الرسمية التي بموجبها انطلقت أعمال اكتشاف الآثار وحمايتها وترميمها والتعريف بها، كما تضمن النظام فصلاً خاصًّا بالعقوبات التي تكفل الحماية للآثار.. ثم آلت مسؤولية الآثار والتراث للهيئة العامة للسياحة والآثار، والتي بذلت جهودًا كبيرة في العناية بالآثار، تكللت بتسجيل بعض آثار المملكة لدى منظمة اليونسكو بوصفها تراثًا إنسانيًا وعالميًا.. وفي ذات السياق الرامي لحماية الآثار السعودية، تمكنت هيئة الآثار من استعادة عدد كبير من القطع الأثرية السعودية التي تسربت إلى خارج البلاد عن طرق غير مشروعة، فكانت السعي ورائها مستمرًا حتى توج أخيرًا باستعادة أكثر من 14 ألف قطعة أثرية ترجع إلى حقب تاريخية متفاوتة.. يتم عرضها حاليًا بمهرجان الجنادرية في معرض خاص، مصحوبًا بعدد من الندوات والمحاضرات الهادفة إلى إشاعة الوعي بقيمة التراث، وضرورة المحافظ عليه وعدم العبث به.. وفي ذات الإطار تسعى الهيئة إلى توسيع هذه المظلة التعريفية بالانطلاق نحو المدارس، وتنظيم معارض للتعريف بالتراث، وإشاعة ثقافة المحافظة عليه بين الناشئة الصغار.. حيث استقبلت ثانوية رضوى يوم الثلاثاء الماضي معرض الآثار المستعادة، والذي يستمر لمدة أسبوع.. فحول هذا المعرض يقول مدير مكتب الآثار في محافظة جدة محمد السبيعي: إن مبادرة الهيئة العامة للسياحة والآثار المتمثلة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ممثلة في إدارات تعليم المناطق والمحافظات باستهداف المدارس بتقديم معرض الآثار المستعادة يعد أمرًا يجد منا الإشادة والتقدير، إذ تقوم كل جهة تعليمية باختيار مدرسة أو مدرستين لعرض بعض القطع الأثرية المستعادة، وقد ابتدأت هذا المشوار بثانوية رضوى التي تستقبل حاليًا معرض القطع الأثرية المستعادة، ولمدة تقارب الأسبوع، لينتقل بعدها إلى مدرسة أبي إسحاق الثانوية، وسيعرض لمدة أسبوع أيضًا هناك. ويضيف السبيعي: والمعلوم أن هذا المشروع لا يستهدف محافظة جدة فقط؛ بل تعداه إلى المناطق التعليمية والمحافظات التابعة ومنها استهداف مدارس في رابغ وخليص والكامل وعسفان، وستقدم المعروضات مصورة ومحمولة على حوامل (ستاندات) والمقدرّة بعشرات الآلاف قطعة مستعادة، ولكن لن يعرض منها سوى ما يقارب ال 20 قطعة أثرية عبارة عن كتابات ونقوش منوعة وقطع فخارية وعملات وغيرها. يشار إلى أن فعاليات الآثار الوطنية المستعادة من الداخل والخارج تقام برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين وجاءت متزامنة مع انطلاقة مهرجان الجنادرية 27 وتسعى هذه الفعاليات إلى تسليط الضوء على القطع الأثرية الوطنية التي حيزت بطريقة غير مشروعة بعد أن انتزعتها أفراد من أماكنها أو قاموا بتجميعها من المواقع الأثرية وتعمل الهيئة العامة للسياحة والآثار على استعادة مثل هذه الآثار سواء كانت في الداخل أو في الخارج وفق الأنظمة والاتفاقيات الدولية وقد أسفرت الجهود التي بذلتها الهيئة عن استعادتها ما يزيد عن 14 ألف قطعة أثرية شملت أدوات حجرية من عصور ما قبل التاريخ وأواني فخارية وزجاجية من مختلف العصور ونقوشا كتابية قديمة وإسلامية ومنحوتات حجرية ومعدنية وعملات إسلامية وغير ذلك. وتهدف مثل هذه الفعاليات إلى تحفيز المواطنين والمقيمين على تسليم ما لديهم من آثار لعرضها في المتاحف المتخصصة والمعارض الدولية لإبراز قيمتها التاريخية والحضارية، فضلاً عن تسليط الضوء على القطع الأثرية الوطنية التي خرجت من المملكة بطرق غير مشروعة وإبراز أهمية استعادتها لما تمثله من شواهد تاريخية مهمة وكذلك إشعار المواطنين والمقيمين بأن مهمة التنقيب عن الآثار هي مهمة الجهات المسؤولة وأن التنقيب العشوائي في المواقع الأثرية يعد مخالفة يعاقب عليها القانون، إلى ما تستهدفه مثل هذه الفعاليات من استحضار أن يكون المواطن هو الحامي الأول لآثار بلاده من خلال تسليم ما لديه من قطع أثرية أو تزويد الهيئة بالمعلومات التي تمكنها من استعادة الآثار من الداخل أو الخارج.