جاء التنادي إلى التعاطي مع الطب البديل أو الموازي كبارقة أمل تلوح في الأفق، تفتح بابًا واسعًا لولوج طيف عريض من ممتهني ومقتحمي التطبيب بالأعشاب والرقية. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي رواج تلكم المنعرجات وتغلغلها في أوساط المجتمع، ساهم في ذلك المد الإعلاني المتنامي من خلال الوسائط الإعلامية المتنوعة.. وبروز حالات مرضية ذات تداخلات (نفسية جسمية) حار فيها الطب المقنن، وأضحت في عداد المستعصية مما أوجد مناخًا مناسبًا للدجّالين من أنصاف الأطباء وأشباه الرقاة للمتاجرة بصحة المرضى من البسطاء واليائسين. في مسار ذي صلة بثت إحدى وكالات الأنباء عبر الشبكة العنكبوتية تقريرًا يشير إلى وجود مصانع في إحدى الدول الآسيوية وتحديدًا في شبه القارة الهندية، تقوم هذه المصانع غير المرخصة بتصنيع منتجات مقلدة لأدوية شهيرة في كل ضروب الصيدلة وتصدّرها تحت سمع وبصر دولة المنشأ إلى ما يوصف بدول العالم الثالث في آسيا وإفريقيا لتباع هناك بأثمان تقل عن أسعار الأدوية الأصلية المماثلة، في الوقت الذي تقر الجهات الحكومية في بلد المصدر بذلك ولا تجد غضاضة في أن تدّعي بأنها لا سلطة لها على هكذا معامل لأنها مرخصة للتصدير فقط. المزعج في الأمر أن تلك الأدوية المقلدة لا تعدو مكوناتها عن مواد أولية لا علاقة لها البتة بالتركيب الدوائي، ولكنها تظهر شديدة الشبه شكلًا وتغليفًا بالمنتج الأصلي، ومما يؤسف له أن تلك المنتجات تجد رواجًا في بلد المورد بدليل تنامي توزيعاتها وارتفاع مبيعاتها -حسب ذات المصادر- الذي يومئ إلى تسويق عال لهذا النشاط الرديء، وفي كل الأحوال تبقى فطنة المستهلك هي المحك الحقيقي والفاعل تجاه التمييز بين الأدوية الحقيقية والمغشوشة، ولعل ظهور عبارة (for export only) أي للتصدير فقط على العبوة أو المغلف يوضّح حقيقة هذه الأدوية، وهي علامة هامة للمستهلك كي يلزم الحذر ويتنبه لهذا الخطر الداهم. والمطلوب من المسؤولين عن مثل تلك الأمور الصحية التحقق من أن مثل تلك الأدوية لم تدخل إلى بلدنا الغالي عن طريق التهريب أو خلافه، كي لا يكون الإنسان البسيط عرضة لاستخدام مثل تلك الأدوية بجهل منه، ولنعمل جاهدين على مكافحة الغش والتزوير في كل ما له علاقة بصحة الإنسان. وعلى الإنسان المتداوي وطالب الشفاء أيًا كان أن ينأى بنفسه عن مسايرة تلكم العيادات ومواقع العلاج المشبوهة، وكتبة الوصفات العشبية، أو أسماء أدوية من خلال مجرّبين، حتى الصيادلة أنفسهم غير مخوّلين عمليًا بوصف علاجات للمرضى دون الرجوع لذوي الاختصاص من الأطباء المهنيين.. والله المستعان. أحمد مكي العلاوي - جدة