سؤال يطرح نفسه: لماذا تضع الجامعة العربية اعتبارًا لدولتين قمعيتين تحكمان شعوبهما بالحديد والنار؟! ولماذا تهرول لهما ولمجلس الأمن حتى يخضعاها لرحمة الفيتو الذي يتمتعان به؟! أليست الجامعة كيان مستقل يُمثّلنا -كعرب- تضمُّنا جميعًا، ويفترض أن نحتكم إليها وتدافع عنا؟! جامعة الدول العربية يفترض أن لا تجامل أحدًا على حساب قضايانا، ولا على حساب شعب يُذبح وتأتي برئيس مراقبين مشكوك في نزاهته لكي يكتب تقريرًا أجوف جعل الجامعة العربية مشكوكًا في نزاهتها أمام العالم، ولم يتوقف عند هذا الحد بل بتقريره أحدث شرخًا في علاقاتنا العربية العربية، وجعل دولاً مثل الصين وروسيا تستغله لكي تمارسًا ابتزازًا علينا، فما (الفيتو) إلا نتيجة لتقرير ما يُسمَّى برئيس المراقبين العرب؟! وبالتالي هذا الجنرال (الدابي) يجب أن يُحاكم على هذا التقرير، فالاستقالة غير كافية؟! ما هذا الذي يحدث؟ تقوم الجامعة بإرسال مراقبين إلى شعبٍ يُنحر على يد جلادين، قلوبهم أقسى من الحجر، ليقوم رئيس بعثة المراقبين بمجاملة النظام السوري في التقرير المُكلَّف بإعداده، ليعطي الضوء الأخضر للنظام القمعي السوري باستمرارية مجازره تجاه إخوتنا في سوريا، هل أسلوب المحافظة على المشاعر مِن قِبَل هذا الجنرال ينفع مع نظام يستخدم سياسة الأمر الواقع وسياسة الأرض المحروقة؟! أليست الجامعة العربية تتخذ قرارات بالإجماع وعلى أمينها العام أن يُنفِّذ تلك القرارات لما فيه مصلحة الأمة والشعوب العربية، طريقة وأسلوب الجامعة في التعامل مع المشكلة شجَّع روسيا والصين لاستخدام حق النقض (الفيتو) بسبب ضعفها وقلة حيلتها ومجاملتها؟! لماذا لا تكون لدى الجامعة الشجاعة والجرأة، وتتخذ قرارات تطالب هاتين الدولتين ألا يتدخلا في شؤوننا العربية وإلا سوف نعيد حساباتنا مع العلاقات المشتركة بيننا وبينهما؟! دولتان مثل الصين وروسيا يحكمان شعوبهما بالحديد والنار تدرسان قرارات جامعة الدول العربية وتقف حائلًا دون تنفيذ ما فيه مصلحة أشقائنا في سوريا.. يا سبحان الله!! لم يتبقَ لهاتين الدولتين إلا تصريف شؤوننا العربية وإدارة شؤوننا الخاصة! والسؤال الآخر الذي يفرض نفسه: أليس حزب الله سببًا هو الآخر في سفك دماء إخواننا في سوريا بمد يد العون للنظام السوري وإمداده بالقوات ومن خلفهم إيران..؟! أليس هؤلاء يقفون جميعًا ضد إرادة الشعب السوري؟! إذن لابد من إجراءات فورية قوية من قِبَل الجامعة العربية لحقن دماء الشعب العربي السوري. نعود إلى الصين وروسيا اللتين تدرسان قرارات جامعتنا العربية؟!! ولا نعرف ماذا سوف يكون ردة فعل التنين الصيني لو قامت إحدى الدول العربية أو جامعة الدول العربية بدعم الدالاي لاما حاليًا، والذي كان سلفه يحكم التبت منذ عام 1642م حتى عام 1959م، والذي على يد حكومة الصين الشيوعية تم نفي سلفه الدالاي لاما الرابع عشر «تينزن غياتسو» إلى الهند بعد احتلال الصين التبت عسكريًا عام 1949م، كما يشير إلى ذلك موقع ويكيبيديا. ولا نعرف كيف ستكون ردة الفعل للدب الروسي لو قامت إحدى الدول العربية أو جامعة الدول العربية بدعم ثوار الشيشان من أجل استقلال بلادهم عن روسيا أسوة ببقية الجمهوريات السوفيتية المستقلة أو بدعم عصابات المافيا في روسيا؟! ففي الحالة الأولى الصين سوف تكون جاهزة للرد على التدخل الذي سوف تعتبره تدخلًا سافرًا في شؤونها، وسوف يكون ميدان بكين الشهير -الذي سحقت فيه المظاهرات المطالبة بالحريات قبل سنوات- جاهزًا بالدبابات لرصف المطالبين باستقلال إقليم التبت ومساواتهم بإسفلت الشوارع. أما إذا تدخلت الجامعة العربية أو إحدى البلدان العربية في شؤونهم فإن الويل والثبور لنا مع نظام صيني شيوعي قمعي يبحث عن ابتزازنا نحن العرب واستنزاف مقدراتنا باستخدامه للفيتو في مجلس الأمن ليس حبًا في النظام السوري القمعي ولكن سعيًا وراء مصالحه، وكذلك من أجل الحصول على مكاسب من الدول الغربية حتى ولو بالمواقف، والحال في روسيا لا يختلف عن الحال مع الصين، فثوار الشيشان في نظر الروس هم مجرد إرهابيين مثلهم بالضبط مثل الثوار في سوريا -في نظر نظامه القمعي طبعًا- يجب مطاردتهم وملاحقتهم وتجهيز الدبابات والمدافع لدكهم، كما فعل بوريس يلسين مع برلمانه الروسي. فالأنظمة المستبدة يجب أن تبقى لقتل كل من يُطالب بالتخلص من الجلادين. فالنظامان الصيني والروسي يتمثل تخوفهما الرئيسي بانتقال حمى تلك الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي إلى شوارع بكين وموسكو وتطيح بالحرس القديم في تلك الدولتين، وهذا تفسير آخر مهم، ولنا أن نتخيل بلدًا مثل الصين فيه أكثر من مليار نسمة ينزل منهم في الشوارع الرئيسية فقط مائة مليون، وقتها سيهرب الحزب الشيوعي الحاكم من فوق أسطح المباني. وأخيرًا يُقال في علم النفس: المثير إذا لم تكن له استجابة فإنه ينطفئ، والمثير هنا هو الفيتو الروسي الصيني وعدم الاستجابة له يتمثل بتجاهله -وبالتالي لا يصبح له قيمة- فيجب اتخاذ قرار عملي عربي قوي وبالإجماع؛ يُدرس بجدية ويخرج من رحم الجامعة العربية، ليُخلِّص أشقاءنا في سوريا من نظامه القمعي.