تحرص كثير من القنوات التلفزيونية على تنبيه المشاهدين إلى وجود مشاهد مؤثرة في بعض ما تعرضه من الأخبار، وهذه المشاهد عبارة عن حالات قتل بطريقة بشعة، حيث تبدو الأشلاء والجثث والدماء بطريقة تثير الفزع والرعب الذي قد لا يتحمله بعض المشاهدين، والمتأمل فيما يعرض من هذا النوع يجده غالبًا في مناطق معينة من العالم وربما تستأثر منطقة الشرق الأوسط بالنصيب الأوفر منها، وقد أدى هذا إلى إصابة العديد من المشاهدين بأمراض عصبية ونفسية وأصبحت تلك المشاهد تلاحقهم حتى في منامهم حيث الأحلام والكوابيس المزعجة وظهرت ردات فعل عاطفية معادية للجهات التي تقف وراء هذه الأحداث ومواقف تنتقد دور الدول الكبرى وعدم معالجتها للأوضاع وبعدها عن التدخل لوقف إراقة الدماء وترويع الناس، وقد كثرت هذه المشاهد في العقدين الأخيرين وأخذت مساحات واسعة من التغطية الإعلامية التي يصبح عليها المشاهد ويمسي، إلى الحد الذي تعود معه كثير من المشاهدين على رؤية هذه المناظر، ويومًا بعد يوم أصيب الناس بأمراض التبلد وفقد الإحساس وعدم المشاركة الشعورية للإنسان الآخر حتى في أحلك المواقف وأعنف الحالات التي تتعرض لها النفس البشرية من إيذاء يصل إلى حد تمزيق الأجساد أوصالًا وعرضها عبر الشاشات، وهذه الحالة التي وصل إليها المشاهد اليوم والمتمثلة في تحوله إلى جماد لا يتفاعل مع المواقف الإنسانية التي يراها، هذه الحالة من شأنها أن تعطى دلالة يقينية واضحة على المستقبل الذي ينتظر هذا الإنسان في حالة مواصلة الإعلام لهذا الدور الذي يستل من الإنسان أبرز قيمه الإنسانية ويحقنه بسموم بطيئة تقضي على مشاعره وأحاسيسه وتحيله إلى جثة أخرى متماسكة تتحرك وتنظر إلى الآخرين أشلاء ودماء.