من دواعي الأسف أن يشكك البعض في مشهد القتل الوحشي الذي يمارسه النظام السوري في حق مواطنيه دونما أي اكتراث من جراء سفك دماء الأبرياء، وذلك من خلال حرب حقيقية يستخدم فيها النظام كافة أنواع الأسلحة في استهداف المدن السورية مبانٍ ومنشآت وبنى تحتية، وكأن هذا الشعب عدو له، وهو ما وثقته الصور وأفلام الفيديو التي تبث عبر أدوات الاتصالات المتعددة التي لم تعد تقتصر على صور الوكالات الدولية وكاميرات المصورين الصحفيين. ما يدعو إلى الاستغراب أكثر أن يحاول هذا البعض أيضًا إيجاد المبرر لتلك الجرائم تحت حجج واهية تصطدم كلها مع حقيقة أن إسرائيل وإيران ربما هما الدولتان الوحيدتان في العالم اللتين تؤيدان استمرار هذا النظام الذي يقوم بقتل شعبه وتعريض بلاده لمخاطر الانهيار والحرب الأهلية والتقسيم وتقويض مقوماته التنموية. لعل استمرار آلة القتل والاعتقال والتدمير في كافة أرجاء سوريا رغم وصول بعثة المراقبين العرب يعني أكثر من كونه تحدي النظام لهيبة الجامعة العربية والسخرية من قراراتها، كونه محاولة لإضفاء الشرعية على الجرائم التي يرتكبها النظام في حق مواطنيه، من خلال محاولته المكشوفة في سعيه للحصول على إصدار بعثة المراقبين العرب صك براءة للنظام. مطالبة رئيس البرلمان العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أمس، بسحب فريق المراقبين العرب فورًا من سوريا، بسبب استمرار انتهاكها السافر لبروتوكول الجامعة المعني بحماية المواطنين السوريين بشكل أساس، يعكس موقفًا عربيًا بأن تلك الانتهاكات تتنافى بشكل صارخ مع الهدف من إرسال فريق تقصي الحقائق في وقف أعمال المذابح وقتل الأطفال وسحب جميع المظاهر المسلحة من المدن والشوارع السورية، وهو ما لم تظهر أي مؤشرات أولية على حصوله حتى الآن، رغم انتشار بعثة المراقبين العرب في المدن السورية وممارستها مهام عملها منذ بضعة أيام، بل أنه يتيح في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، توفير الغطاء للنظام للاستمرار في قتل الأبرياء، وهو ما يتطلب ردًا حاسمًا وسريعًا من الجامعة العربية لحرمان النظام السوري من مواصلة جرائمه تحت غطاء عربي.