يبدو أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طريقها لارتداء ثوب مختلف عن المعتاد، ففي التصريحات الأولى لمعالي الرئيس الجديد عزم على رسم صورة ذهنية جديدة للهيئة لا أحسب أنها ستغيّر دورها المرسوم لها، لكن ستغيّر من طريقة أداء هذا الدور، وهو دور محمود على كل حال. يقول الدكتور عبداللطيف آل الشيخ: إن جهاز الهيئة لن يقوم بمباشرة أي بلاغ ضمن الآلية الجديدة لتلقي البلاغات، إلا بعد تحقق شرطين رئيسيين هما التعرف على هوية المبلّغ، والتأكد من صحة المعلومة، بهدف قطع الطريق أمام البلاغات الكاذبة أو غير الموثوق بصحتها، وهي المعضلة الأبرز التي كانت تفتح باب النقد على أداء بعض العاملين في جهاز الهيئة. وأكد آل الشيخ على أن قرار إنهاء عمل المتعاونين مع الهيئة نهائي ولا رجعة فيه، مطالباً بأن يتم التبليغ عن أي «منكر» عبر غرف العمليات الجديدة المخصصة لهذه المهمة، والتي أمر الرئيس بإنشائها على وجه السرعة لتعمل ضمن آلية «خالية من الاجتهادات»، لافتاً إلى أن الهيئة ستباشر البلاغات التي تدخل ضمن صلاحيتها فقط، وأنه لن يكون هناك مباشرة فعلية أو تصرف في أي بلاغ قبل التأكد من هوية المبلّغين. وليس غريباً توقع صدور حملة من الانتقادات ضد هذه القرارات الجديدة تحت يافطات عديدة أحسب أن كثيراً منها سيخلو من الموضوعية والإنصاف، وهي في مجتمعنا قدر يواجه أي تحديث أو تجديد يتعارض مع أي نمطية سائدة يغلب عليها التشدد وسوء الظن بالآخرين، ولا تخلو من أخطاء في حق الأبرياء في حالات كثيرة. ولهؤلاء ثمة باب واسع مفتوح على مصراعيه (غير حكومي ولا رسمي) لا يُغلق حتى يوم الدين عليه يافطة مكتوب عليها (الأمر بالمعروف)، ولكن لهذا الباب تكاليفه الصعبة على النفس، إذ يتطلب في المقام الأول صبرا جميلا وقلبا كبيرا ورغبة صادقة في هداية الناس إلى الخير دون توبيخ أو تجريح أو شتم أو تصنيف. هذه الوظيفة هي نقطة البداية لكل الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام جميعاً.