تناقلت بعض وكالات الأنباء والقنوات الفضائية الأسبوع الماضي خبرا عن هجمة إسرائيلية إلكترونية على مواقع الأسواق المالية في كل من السعودية و الإمارات العربية المتحدة ، انتقاماً كما يقول الإسرائيليون لقيام الهاكر السعودي الذي سمي «إكس أو عمر» باقتحام قواعد البيانات لشركات إئتمان إسرائيلية و نشر بيانات مئات الألوف من بطاقات الإئتمان الإسرائيلية على شبكة الإنترنت ، مؤكداً أنه سيستمر في نشر المزيد من هذه البيانات بسبب كرهه لما تفعله إسرائيل في الفلسطينيين خصوصاً ما فعلته في عملية الرصاص المذاب في غزة عام 2008 – 2009 م ، و مؤكداً على أنه سيسرب معلومات سرية إسرائيلية حصلت عليها إسرائيل من خلال عمليات التجسس التي تقوم بها في عالمنا العربي ، و دعا المتسلل «الهاكر» عمر بقية المتسللين للانضمام إليه ، مؤكداً على أن أحداً لن يستطيع التوصل إليه في العالم الرقمي و إيقافه. و ثمة خبراء في أمن المعلومات يؤكدون على صعوبة إن لم يكن إستحالة التوصل إليه لذلك يشككون في صحة نسبة هذا المتسلل إلى شخصية سعودية فمن الممكن حتى افتراض وجود المتسلل في إسرائيل ذاتها. وقد نفت السوق المالية ( تداول )حدوث اي اختراق للمواقع . لكن ما لا يمكن إغفاله هو أن خطر الحرب الإلكترونية أصبح حقيقة ملموسة و في تزايد ، اللاعبون الأساسيون فيها ، كما جاء في مقالة الأسبوع الماضي بهذه الزاوية ، قوى غير قوى الدولة القومية التقليدية ، قد يزعج دولاً و مجتمعات فرد ٌ أو مجموعة من الشباب لأسباب قد تكون حقيقية أو وهمية ، السلاح الأوحد فيها هو القدرات و المهارات الشخصية في إستخدام الحاسوبات و شبكة الإنترنت ، و تلجأ إليها دول كمثل الولاياتالمتحدةالأمريكية إذ أقر الكونغرس الأمريكي ميزانية قدرها 17 مليار دولار مخصصة للحرب الهجومية الأمريكية ، و كما جاء في موازنة وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» في شهر ديسمبر 2012 م حيث أجازت الميزانية قيام الولاياتالمتحدةالأمريكية بحروب هجومية إلكترونية للدفاع عن مصالح الولاياتالمتحدة و مصالح حلفائها ، كما أعلنت مؤسسة الأبحاث الدفاعية المتطورة الأمريكية المعروفة إختصاراً ب DARPA في نوفمبر الماضي 2011 م و لأول مرة على الملأ بأنها تجري بالفعل أبحاثاً في مجالات الحرب الهجومية في الفضاء الإفتراضي ( Cyber Space ) و كمثل قيام إسرائيل ذاتها بإعداد فايروس أو دودة إلكترونية أطلق عليها مسمى Stuxnet ، تستهدف تخريب أنظمة التحكم في المنشآت النووية الإيرانية إضافة لسرقة المعلومات الهامة عن البرنامج النووي الأمر الذي يعني تعريض العديد من الأجهزة كمثل المضخات ، و المحركات ، و أجراس الإنذار ، و أنظمة إطفاء الحريق ، و يمكن أن يؤدي من الناحية النظرية على الأقل إلى انفجار الغلايات النووية الضخمة ، لكن الخطير في الأمر أن ستوكس نت استطاع أن يجد طريقه إلى 100.000 منشأة صناعية صينية و محطات توليد طاقة بالهند و باكستان و إندونيسيا و كوريا الجنوبية ، و يؤكد الخبراء في تلك المنشآت الصناعية بأن التخلص من الآثار التدميرية للسلاح الالكتروني الخطير قد يستغرق زمناً طويلاً لربما وصل لسنوات عدة . و الأخطر هو أن عزل الشبكات الداخلية عن شبكة الانترنت كإجراء وقائي لا يضمن حمايتها من الهجمات الإلكترونية ، فصحيح أن الفيروسات و الدودة بشكل خاص لها المقدرة على التنقل و الاستنساخ الذاتي في عقد الشبكة الالكترونية و لكن ذلك ليس الطريقة الوحيدة التي تنتقل بها ، بل يمكنها الإنتقال عن طريق قلم الذاكرة ( يو أس بي ) و يكفي أن يصل قلم ذاكرة مصاب بالفيروس ليد أحد الموظفين في المؤسسة الصناعية ، ربما بدس من الأعداء ، لينتشر الفيروس في الشبكة ، و هي الطريقة التي لجأت إليها ما يعرف بوحدة 8200 الإسرائيلية للحرب الإلكترونية طبقاً لرأي الخبير الألماني «رالف لانجر» في إيصال «ستوكس نت» إلى داخل محطة بوشهر الإيرانية للطاقة النووية. من المؤكد أن ما يجري من أحداث الحرب الإلكترونية العالمية اصبح حقيقة واقعة ، و أن ذلك قد يجلب علينا مزيداً من الهجوم على المرافق الهامة في البلاد ، و إذا إستطاع شاب سعودي منفرداً - على فرض صحة الرواية - مهاجمة و كشف شركات الإئتمان الإسرائيلية بدوافع الدفاع عن أطفال فلسطين فلربما يتمكن بالغد من مهاجمة حواسيب وزارة الدفاع فيها ، و الرد بالتالي غني عن التعريف ، و الدرس المستفاد بسيط ، لا بد من تشكيل جبهة إلكترونية حكومية للدفاع عن البلاد و العباد في عالم أصبح الفضاء الإفتراضي فيه حقيقة واقعة تؤثر في حياة كل مواطن و في مستقبل كل وطن. [email protected]