من مقالة عن التناقض في السياسة الأمريكية التي تدعي وقوفها إلى جانب الديمقراطية وحقوق الإنسان -ولكن هذا الإنسان ربما يكون أي إنسان غير المسلمين- فإنها تخوض حروبًا تزهق فيها عشرات الآلاف من النفوس البريئة من المسلمين بحجة القضاء على من أسمتهم الإرهابيين، حيث تؤكد معظم البراهين والشواهد أن تلك الدولة تعتبر كل مسلم إرهابيًا مهما كان توجهه طالما هو على ملة الإسلام، بينما يؤكد تاريخها الدموي أنها الإرهابي الأكبر، والعدو الأول للإسلام والمسلمين، وفيما يلي بعض الاستدلالات والوقائع الحديثة التي تؤكد ذلك. وبحسب ما كشف عنه تقرير «بيو» عام 2011، فإن 40% من الأمريكيين يعتقدون أن المسلمين الموجودين على أرض الولاياتالمتحدةالأمريكية ضالعون في دعم التطرف، في مقابل 21% فقط من المسلمين الأمريكيين الذين يتبنون الرأي نفسه. وقد ذكرت جريدة «تنيسي» الأمريكية أن «ستيفن إيمرسون» قد بلغت أرباحه عام 2008م ثلاث مليارات وثلاثمائة وتسعين مليون دولار نتيجة قيام مؤسسته البحثية بعمل أبحاث عن العلاقات المزعومة بين المسلمين الأمريكيين والإرهاب العالمي. وصار لهذه الصناعة سادتها وكبرائها بداية من وسائل الإعلام المحافظة إلى المطبوعات والأبحاث والكتب وصولا إلى صناعة السينما!! ويزداد الأمر يقينا إذا علمنا أن العينة المستهدفة من قبل الآلة الإعلامية اليمينية هي: «الأمريكيون البسطاء المعنيون بالتهديدات الإرهابية. والتي تشمل كل المواطنين الأمريكيين من اليمين واليسار والمعتدلين والمحافظين وأبناء الطبقة الوسطى، وأولئك الذين يتذكرون دائمًا أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولا يريدون أن يروها تتكرر أمام أعينهم من جديد». ومقارنة بالتناقض بين ما تعلن عنه السياسة الأمريكية التي تدعي أنها تقف بجانب الديمقراطية وبين ما تقوم به من انحياز كامل لدويلة الصهاينة مقابل الحق الفلسطيني كما هو معروف. ولا ننسي التناقض في بعض دول اوروبا تجاه معركة الحجاب والنقاب فالحرية التي يطالبون بها ويعتبروها شيئًا مقدسًا هي حرية لها تأطير معين لا يمس المسلمين ولا لباسهم!! والمعارك القضائية هناك التي ترفعها النساء المسلمات تجاه الجهات التي تمنعهن من ارتداء النقاب لم تتوقف إلى الآن. اذا قارنا التناقض بين الشعارات وبين الواقع المعاش في تصرفات وسلوكيات الأنظمة والمؤسسات السياسية هناك وبين ما من تناقضات تمارسها شريحة من يقال أن بعضهم (ليبراليين) من المثقفين وما يقومون به اذا ما كان هناك تعرية لمواقفهم او تحليل لبعض تصرفاتهم او دراسة لأفكارهم. فنجد انهم يتحولون إلى وحوش كاسرة في الهجوم على من تجرأ وانتقد او تحدث عن جانب معين من هذه الشريحة سواء ما حدث مؤخرا بعد تعليق الكاتب صالح الشيحي عما حدث في ملتقى المثقفين في الرياض. ولا ننسي الهجوم الذي قوبل به الدكتور عبدالله الغذامي منذ عام بعد محاضرته (الليبرالية الموشومة). وما ذكره لاحقا في مقالته المنشورة في الرياض يعلق على ردود افعال هذه الشريحة المنشور في شبكتهم على الانترنت من هجوم عليه وعلى القناة التي بثت اللقاء معه وطالبوا بإغلاقها فذكروا: (إننا في زمن الانفتاح ولذا يجب حجب هذا البرنامج). فقال: »لو تمعنا في المخالفة النسقية هنا وترجمناها إلى اللغة المباشرة لوجدنا أن الشعار سيكون كالتالي: بما أننا في زمن الانفتاح فلا بد لنا من الانغلاق). ثم ذكر: (ما جرى من الشبكة الليبرالية ليس نشازًا ولا مثالًا فريدًا ولكنه نمط ثقافي له تاريخ وله واقع ملموس، ومصطلحات من مثل الثورة والحرية والاستقلال والاشتراكية قد مرت في ثقافتنا المعاصرة لتؤسس لدلالات مناقضة لظاهر المعنى)!! على الطرف الآخر المناقض لهذه الشريحة ايضا نجد غلوًا في الانتقاد وميلًا من قبل الطرفين لاستعداء الدولة على الفئة الأخرى!! ويتحول الفضاء الاعلامي سواء في الصحف التي غالبا متاحة لمن يمثل الشريحة (الليبرالية) بدون قيود بينما الشريحة الأخرى فلها الفضاء في الانترنت وقليل من الصحف الرسمية!! وما شاهدناه وتابعناه في عدد من البرامج في بعض القنوات له نموذج غير مشرف لأبجديات الحوار خصوصا من يشتم ببذاءة!! والمذيع في البرنامج يشكره!! بعد أن جند اكبر عدد من الرافضين لكلمات الكاتب الشيحي واستضافهم!! ناهيك عن هذا التكتل الكتابي ضد رأي الكاتب الشيحي ليس للنقاش كي يستفيد القارئ ولكن للانتقاد الحاد جدا وكيل الاتهامات التي لا تزال تمثل (نسقا لغويا غير عادل)!! ***ختاما اختم بسطور كتبها الدكتور الغذامي سابقا بقوله: (إن أكبر وأهم مشروع ثقافي هو في نقد الذات، وفي قدرة الذات على التعامل مع النقد الموجه لها، وعلى تعاملها مع المخالف والمختلف، ونحن كلنا معيبون في هذا الشأن ولذا يجب الدفع باتجاه مساءلة الخطاب الثقافي وكشف عيوبه والتصريح بذلك، ومنها قضية الليبرالية عندنا، وما لم نفعل فإننا سننتج ليبرالية دكتاتورية متسلطة وعمياء، وكم هو صعب ومثالي أن نجد مقولة مونتسكيو متحققة بأن الحرية هي الحق في عمل كل ما لا يضير الآخر، وهو الآخر المختلف والمخالف وكيف تعامله وتضمن له حقه في الوجود والرأي والتعيير مثلما تطلب ذلك لنفسك، وإذا كان المرء يعطي نفسه الحق في نقد غيره أفرادًا ومؤسسات فما باله يضيق من نقد غيره له أو اختلافه معه، وهل نقول بالانفتاح ثم نبادر بالدعوة لإغلاق الصوت الآخر)؟؟ أكاديمية وكاتبة Nora23ster@gmail. com