منذ اليوم الأول لتطبيق تأنيث محلات المستلزمات النسائية لوحظت الجدية وتجاوب نسبة كبيرة من أصحاب المحلات، والتحق بالعمل أعداد كبيرة من النساء والفتيات، والجدية في تطبيق التوجيه الكريم بدون استثناءات أو ثغرات إجرائية تؤدي إلى التفافات اعتدناها في التنفيذ من قِبَل البعض لتتسع دوائرها، حتى يصبح أي قرار عرضة للعراقيل. وحتى نتلمس مؤشرات نجاح هذا القرار، والمرحلة الثانية منه في منتصف شعبان المقبل لمستحضرات التجميل، لابد من النظر بجدية للإجراءات المصاحبة أو الضامنة لتحقيقه وأقصد ما حددته وزارة العمل من شروط بشأن تأنيث هذه المحلات ومنها ما يتعلق بأمن المراكز التجارية بشريًا وإلكترونيًا، إلى جانب متابعة التنفيذ للقرار ميدانيًا ومعاقبة المخالفين. القرار -حسب وزارة العمل- يوفر أكثر من 36 ألف وظيفة للمرأة في أكثر من 7 آلاف محلًا برواتب تزيد على 3 آلاف ريال، وبلغ عدد المسجلات لطلب الوظائف في مكاتب العمل على مستوى المملكة نحو 5 آلاف سيدة، من بين أكثر من (10) آلاف تقدمن بطلبات توظيف عام 2010م، وهذا يدلنا على حجم الطلبات النسائية وحاجتهن للعمل، وفي نفس الوقت سيصحح القرار الاحتكار المزمن للعمالة الذكورية في سوق العمل عامة والأنشطة التجارية خاصة منذ الطفرة الاقتصادية الأولى حتى أصبح من الشائع بيع الرجال للملابس الداخلية النسائية. ومن هنا تبدو أهمية إيجاد الآليات والضوابط وأهمية الدراسة الشاملة والواقعية، والأهم هو إرادة التطبيق حتى يكون القرار فاعلًا. ومن الطبيعي أن تثار ملاحظات استباقية أو قد تظهر أخطاء في التجربة الجديدة، فهذا وارد في مثل مجتمعنا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمرأة، لأننا اعتدنا التمترس خلف هواجس ومخاوف وأحيانا الرفض لأي خطوة تحقق الاستفادة الحقيقية من دور المرأة، وقد رأينا ذلك مع بدايات تعليم المرأة ثم تكرر مع توظيفها في تعليم البنات ثم هواجس وأقاويل عندما اتجهت إلى الطب والتمريض. لكن أثبت الواقع والأيام أن ما يقلق البعض ويثير تحفظاته لا أساس له طالما تأكدت الضوابط الشرعية، بل العكس تحققت المنفعة للمواطنة والمنفعة العامة للتنمية الاقتصادية دون الإخلال بكرامة المرأة وحقوقها طالما التعامل في حدود الالتزام بالضوابط الشرعية لبيئة العمل وهذا مهم، أما غير ذلك فالبطالة والفراغ هما أساس كل بلاء. لذا فإن تأنيث محلات المستلزمات النسائية وما سيتبعه من مجالات متخصصة فيه إعانة لحياة المرأة وحفظ لكرامتها، وفوائد كثيرة مباشرة لا يصح أن نضع مقابلها سلبيات فردية قد تكون واردة، كما لا يجب المقارنة بين هذه وتلك لأن توظيف عشرات الآلاف خلال شهور أو عام في هذا القطاع التجاري الخاص بمستلزمات المرأة لا يتعلق بأجيال اليوم من نساء وفتيات بحاجة إلى العمل، إنما هو إتاحة قطاعات حيوية أمامهن جيلًا بعد جيل ليكنّ منتجات للدخل والاستقرار في حياة تزداد صعوباتها وتكاليفها المعيشية الضاغطة. إن قطاع المستلزمات النسائية وهو واسع ومنتشر في معظم محلات الملابس عموما، لكنه ظل حكرًا على الرجال وخاصة الوافدين الذين يعمل كثير منهم تحت التستر ولحسابهم مقابل (تأجير) اسم الكفيل، وهذا واضح ومعروف ولا يخدم إلا مصلحتهم على حساب التنمية الاجتماعية والاقتصاد الوطني والتوظيف. اليوم نرى كوادر نسائية سعودية متزايدة في قطاعات واسعة ومهمة كالمستشفيات والمدارس الحكومية والأهلية والبنوك ومأمورات هاتف بالشركات والمؤسسات ولهن خصوصية مكانية وتتعامل مع الجمهور باحترام وتم تدريبهن على طبيعة العمل وأخلاقه كما رأينا موظفات سعوديات في بعض مطاراتنا في أعمال مساندة، فلماذا لا تبادر الخطوط السعودية بتوسيع الفرص بما لا يشق عليهن مثل الخدمات الإلكترونية، خاصة أن المطارات أماكن عامة ومفتوحة. لابد من تفعيل الخطوات المدروسة لتوظيف السعوديات وتدريبهن دون تراخٍ يوحي بأن تأنيث الأنشطة المناسبة يمشي على أشواك.. وما يهم اليوم هو التنسيق بين الجهات المعنية لضمان استقرار وإنجاح هذا القرار وغيره، وكذا رجال الأعمال والغرف التجارية، وينتظر منهم المجتمع الكثير في هذا الاتجاه الهادف.