شن الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق أمس، هجومًا حادًا على جامعة الدول العربية، واصفًا إياها بأنها «مجرد مرآة لزمن الانحطاط العربي». وفيما أعلنت وزارة الدفاع الكويتية أمس إصابة اثنين من الضباط المشاركين في بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية في سوريا ب «جروح طفيفة» أثناء تعرضهما لهجوم أمس الأول هم ومراقبين من الامارات والعراق والمغرب والجزائر تعرضوا لهجوم من قبل «متظاهرين لم تعرف هويتهم»، بينما كانوا في طريقهم إلى اللاذقية. صرح وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد في أبوظبي أمس أنه لا يرى «التزاما سوريا يسمح» للمراقبين العرب بأداء مهمتهم. وقال في مؤتمر صحافي إن «مهمة المراقبين تزداد صعوبة يوميا لأسباب مختلفة. لا نرى التزاما من الجانب السوري بشكل يسمح للمراقبين بأداء مهمتهم. وللأسف هناك اعتداءات عليهم واضح أنها من غير المعارضة. هذه مؤشرات غير إيجابية». وأعلن الأسد أن استفتاء على دستور جديد لسوريا سيجرى في مارس المقبل، تليه انتخابات تشريعية في مايو او يونيو. وانتقد في رابع خطاب له منذ بداية الاحتجاجات الشعبية المناوئة لنظامه الحاكم في مارس الماضي، وسائل الإعلام الغربية، قائلًا إنها تعمل على زعزعة الاستقرار في بلاده، نافيا صدور أي أوامر من جانب مسؤولي نظامه بإطلاق النار على أي مواطن في سوريا. وردا على مطالب محتجين وعدد من القادة الغربيين بالتنحي، قال الرئيس السوري: «أحكم برغبة الشعب واذا تخليت عن السلطة فسيكون برغبة الشعب». وجدد الأسد اتهاماته لأطراف دولية وإقليمية بالسعي إلى «زعزعة استقرار سوريا»، قائلًا إن أكثر من 60 قناة تلفزيونية، عربية وأجنبية، «تعمل ضد سوريا»، مشيرًا إلى أن حكومته لم تمنع وسائل الإعلام من دخول سوريا، وإنما كانت تتبع معايير «انتقائية» للسماح بدخولها. وتطرق الأسد إلى مقابلة أجرتها معه إحدى القنوات الأمريكية مؤخرًا، واتهمها ب «فبركة» تصريحاته خلال المقابلة، بهدف إظهار «رأس الهرم» في سوريا يتهرب من المسؤولية، ولا يعلم بما يدور حوله، ونفى أن يكون قد أدلى بتصريحات للقناة الأمريكية جاء فيها أنه لم يكن يتحكم بقوات الأمن في بلاده. وعن الموقف العربي إزاء ما يجري في سوريا، قال الأسد إن «بعض القادة العرب معنا في القلب، وضدنا في السياسة»، مشيرًا إلى أنه عندما يتحدث إلى هؤلاء القادة (لم يكشف عنهم) يبلغونه بأن هناك ضغوط كبيرة عليهم، واصفًا الأمر بأنه «قمة الانحطاط»، واعتراف بالتخلي عن السيادة. وفي إشارة إلى تهديدات بتدخل خارجي في بلاده، قال الرئيس السوري: «أصبح الخارج مزيجًا من الأجنبي والعربي.. وللأسف الجزء العربي أكثر عداءً وسوءًا من الأجنبي»، كما اعتبر أن «الدول العربية ليست واحدة في سياساتها تجاه سوريا». وعن تهديدات بتجميد عضوية سوريا أو خروجها من جامعة الدول العربية، تساءل الأسد قائلًا: «متى وقف العرب مع سوريا؟».. وتابع واصفًا الجامعة بأنها «مجرد انعكاس للوضع العربي.. ومرآة لحالتنا العربية المزرية»، كما وصفها بأنها أصبحت «مرآة لزمن الانحطاط العربي.» وأضاف قائلًا: «الخروج أو تجميد العضوية ليست قضية.. ولكن السؤال المهم: من سيخسر؟». وتابع: «هل يمكن للجسد أن يعيش بدون قلب»؟! وبينما ذكر الأسد أن بلاده تعمل منذ سنوات على تخفيف الخسائر التي لحقت بها نتيجة علاقتها مع العرب، وشدد على قوله: «نقول لهم إنهم يعلقون عروبة الجامعة.. فالجامعة بلا سوريا تصبح عروبتها معلقة»، وأضاف أنه «إذا استطاع البعض أن يخرجونا من الجامعة، فإنهم لا يستطيعون أن يخرجونا من العروبة». وقال الرئيس السوري في كلمته المطولة التي وجهها من جامعة دمشق أمس الثلاثاء، إن بلاده «لم تغلق الباب أمام أي مسعى عربي، طالما يحترم سيادتنا واستقلالية قرارنا»، مشيرًا إلى أن الأحداث الأخيرة «لن تؤثر في رؤيتنا للوضع الداخلي في سوريا». وتطرق الأسد إلى ملف الإصلاح في بلاده، قائلًا إن رؤيته للإصلاح الداخلي تقوم على مرتكزين أساسيين، هما: «الإصلاح السياسي»، و«مكافحة الإرهاب»، وقال إن «الإصلاح بالنسبة لنا هو السياق الطبيعي منذ عام 2000»، مجددًا نفيه أن يكون الإصلاح جاء نتيجة للأزمة الراهنة. وشدد الرئيس السوري على أنه «لا يوجد أي أمر من أي مسؤول في الدولة بإطلاق النار على أي مواطن»، مشيرًا إلى أنه تم اعتقال «عدد محدود» من عناصر الأمن لقيامهم بإطلاق النار على المتظاهرين، مشيرًا إلى أنه من الصعب العثور على أدلة لاعتقال كل من يتورط في تلك الأعمال.