تصدرت المملكة موقع المقدمة في تصنيف «أفضل السياسيات الاقتصادية والأقوى أداءً في العالم العربي للعام 2011. وكشفت دراسة أجرتها مجلة «فوربس – الشرق الأوسط» ونشرتها في عددها الخامس عشر الصادر في يناير الجاري، أن ارتفاع أسعار النفط خلال العام المنصرم قاد 7 دول إلى تصدر المراتب الأولى ضمن قائمة «أفضل السياسات الاقتصادية أداءً في العالم العربي 2011»، تتقدمهم المملكة، فيما جاءت الإمارات بالمركز الثاني، وقطر (المركز الثالث) وعمان (المركز الرابع)، مشيرة «الدراسة» إلى أن تلك الدول استغلت فائض الإيرادات في تحسين حجم انفاقاتها على الاستثمارات الداخلية في البنية التحتية والقطاعات الحيوية كالصحة والتعليم، إضافة إلى رفع مستوى معيشة سكانها، بعدما أقرت غالبية هذه الدول زيادات مهمة في أجور عامليها، وهي نفس الأسباب التي وضعت الكويت في المركز الخامس متبوعة بالعراق ثم الجزائر. *دول غير مصدرة أما دول كالمغرب الذي احتل بامتياز المركز الأول بين الدول غير المصدرة للبترول «المرتبة الثامنة ضمن القائمة» بعد أن حقق معدل نمو في ناتجه المحلي الإجمالي قارب ال %4.6، وموريتانيا «المركز التاسع» التي تحاول جاهدة الخروج من دائرة أفقر الدول عالميًا محققة معدل نمو %5.1، والأردن «المركز العاشر» التي تسعى أجهزته الاقتصادية إلى إيجاد سياسة مالية تنقذ الدولة من مديونية تجاوزت ال19 مليار دولار وتحسين معدل نموها الذي وصل إلى %2.5، هذه الدول استفادت نسبيًا من استتباب أمنها الداخلي وعدم وصول رياح الربيع العربي إلى شواطئها حتى الآن. *مؤشر الاقتصاد وعلى النقيض، تأثرت سوريا وتونس ومصر والبحرين، كثيرًا من الثورات الشعبية التي عرفتها بلدانها، ومن ارتفاع أسعار النفط بصفتها دولاً مستوردة، وهو ما كان وراء تراجع معظم مؤشراتها الاقتصادية كاحتياطات النقد الأجنبي والاستثمارات الأجنبية لتحتل على التوالي المراتب بين ال11 وال14. أما لبنان الذي احتل المركز ال15 ، فقد تأثر كثيرًا بما يحصل عند حدوده السورية، الأمر الذي جعل «بلد الأرز» يحتكر بامتياز وصف «سيد الديون»، بعد أن بلغت نسبة دينه العام %126 من ناتجه المحلي. وفي السودان، ربما لا نستطيع لومه لاحتلاله المركز ما قبل الأخير، فهذا البلد عانى كثيرًا في العام 2011، بعد أن خسرت حكومة الخرطوم أكثر من نصف مواردها النفطية بسبب الانفصال. ليأتي بعد ذلك اليمن في المركز الأخير، وتحتكر حكومة البلد الأفقر عربيًا، وصف الأداء الأسوء على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويأتي هذا التصنيف ضمن حرص المجلة على تقديم يد العون لكل العاملين في قطاع التخطيط المالي والاقتصادي الحكومي، لبناء سياسات اقتصادية مستقبلية، تستند على بيانات وتحليلات دقيقة وموضوعية، بالإضافة إلى مد قارئها العربي من المحيط إلى الخليج، ببانوراما شاملة على أهم الأحداث والحقائق المالية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة في العام 2011. حيث شمل البحث الذي تم بالتعاون مع «صندوق النقد الدولي» في الولاياتالمتحدة - واشنطن، 19 دولةً عربيةً، 17 منها كانت حاضرةً، وذلك بعد استبعاد كلٍّ من ليبيا لعدم توفر البيانات الكافية، وفلسطين بسبب أن مصرفها المركزي لا يمد الصندوق ببياناته المالية السنوية. ولإعداد هذه القائمة اعتمد فريق البحوث في المجلة، على معايير مالية واقتصادية عدة تخصُّ الأرقام المطلقة للدول لعام 2011 ونسب النمو المحققة مقارنة بالعام 2010، إيمانًا من المجلة بأن هذه المعايير هي المقياس الأهم لتقييم أداء السياسات الاقتصادية للدول، بالإضافة إلى مساهمتها بشكلٍ أساسيٍّ ومباشرٍ في نمو اقتصاداتها. وقد اتفق فريق عمل «فوربس- الشرق الأوسط» مع إدارة «صندوق النقد الدولي» في واشنطن- أمريكا على تزويده بالبيانات المالية لكلّ دولة عربية من أجل تقييم الأداء الاقتصادي لكل منها، والتي تم تحديثها في نهاية سبتمبر 2011، مع اعتماد بيانات كلٍّ من السنوات التالية: 2010 – 2011 وهي كالتالي: الناتج المحلي الإجمالي، إجمالي الدين العام- من الناتج المحلي الإجمالي ،إيرادات الحكومة الإجمالية، إجمالي الاحتياطيات الرسمية، الإنفاق العام على الاستثمارات - من الناتج المحلي الإجمالي، المدّخرات الوطنية الإجمالية، معدّل التضخّم- إجمالي الصرف العام - من الناتج المحلي الإجمالي دون احتساب الاستثمارات. وتقول خلود العميان، رئيس تحرير المجلة: اخترنا هنا أن نقيّم أداء هذه الدول اقتصاديًا، لما فيه من استشراف الرؤية المستقبلية لواقع اقتصادنا العربي الذي حقق ناتجًا محليًا إجماليًا في العام 2011 ما مقداره 1.05 تريليون دولار، محققًا معدل نمو قارب %3.7». وتضيف: «قد نجد أن تردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية للشعوب العربية هو انصرافها وانخراطها بالسياسة، متناسية ضرورة العمل الجاد، والاستناد دائماً إلى الأرقام، أثناء ثوراتها خلال العام 2011 الذي شهد موجة التغييرات، لذلك نتوقع أن يكون 2012، عام الإصلاح، وزيادة الإنفاق الحكومي في الاتجاهات الصحيحة، فالكل يسعى إلى تحقيق مطالب الشعب، عن طريق الرفع من الرواتب، وتخفيض الأسعار، وخفض الضرائب، وتحسين مستوى المعيشة، والاستثمار في التعليم والصحة والبنى التحتية، وفي المشاريع التنموية وغيرها الكثير». كما أشارت العميان إلى أن الفرصة لاتزال قائمة لدى «بعض» الحكومات العربية، لإجراء الإصلاحات الاقتصادية التي طال انتظارها كثيرًا، ولعل التخلص من أعباء الديون السيادية سيكون أولى هذه الإصلاحات، مضيفة «في نهاية المطاف، نعلم جيدًا أن الشعوب لا تعنيها الأرقام صعودًا أو هبوطًا بقدر ما يهمّها أن تشعر بالأمان واستشراف المستقبل الأفضل، ولنا في ليبيا العبرة فهي التي كانت أرقامها تصنفها ضمن أقوياء العرب، بينما اليوم يجاهد «صندوق النقد الدولي» ونجاهد معه لإيجاد رقمٍ واحدٍ يخبرنا عمّا وصلت إليه ليبيا الجديدة، دون جدوى لغاية الآن».