تلقيت دعوة وزارة الثقافة والإعلام لحضور الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين ولم أحضر، بسبب علاقة حب من طرف واحد بيني وبين وزارة الثقافة. فأنا أكاديمي وكاتب، وشاعر لدي سبع مجموعات شعرية، وتسعة كتب نقدية عاجز عن نشرها. حضرت المؤتمر الأول فهالني ما رأيت من تصرفات وسلوكيات لا يمكن أن تصدر من نصف مثقف، فكيف من مثقف نخبوي يرى أنه أحد المعنيين بقول الفرزدق: ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا كان اللقاء الأول ذرا للرماد في العيون، قضايا هامشية، وغياب منظّم، وسهر، وضحك مجلجل في ردهات الفندق حتى طلوع الشمس، فأكثر المثقفين - إلا ما ندر - كائنات ليلية لا تنشط إلا بعد غياب الشمس. جلسات الملتقى أعراس حداد، والتوصيات ولادة قيصرية حمل مولودها إلى غرفة العناية الفائقة، وأعلن المثقفون وفاته دماغيا لكن الوزارة ما زالت متمسكة بأنه حيّ، وأن وظائف أعضائه تعمل بكفاءة عالية، ونفسه منتظم، والحالة مطمئنة، والاستجابة للعلاج جيدة جدا. وفي لقاء الخطة الاستراتيجية بمدينة جدة اجتمعنا فوجدنا فضيحة ثقافية وليس استراتيجية ثقافية اشترك في بنائها أسماء أصبحت ماركة مسجلة في سجلنا الثقافي، وكأن وجودها في كل لجنة أو مؤتمر أو ندوة من القضاء والقدر الذي نؤمن به ولا نسأل عنه، وقد نالت الخطة من النقد العنيف ما نالت، وأصابها ما أصاب توصيات الملتقى الأول من ضمور في المخ، والتهاب في المفاصل، وحبسة في الكلام، وناشد المثقفون الوزارة أن تهيل عليها التراب، وتدعو لها بالرحمة فالضرب في الميت حرام في دين الرحمة والتسامح. وسبحان الذي يحيي العظام وهي رميم، فقد خرجت الخطة من قبرها، ونفضت عنها التراب، لتكون توصية من توصيات الملتقى الثاني. الوجوه هي الوجوه، والتفكير هو التفكير، السيد ياسين بكل ضلالاته وخزيه الثقافي مستشار الخطة الاستراتيجية، ومحمد الرميحي عرّاب الحرية جاء يرسم لنا خارطة لصراطها المستقيم! ملتقياتنا وحواراتنا الثقافية كوميديا سوداء في مسرح عبث، يهدر فيها المال العام، وتضيّع الأوقات، ويعذب الناس بلا مبرر. هذه ثقافة وجاهة ليس فيها من وجاهة الثقافة شيء، وحريّ بالوزارة أن يكون لديها مسبار وعي تتلمس فيه احتياجات المثقف، وتقدم له التسهيلات والدعم الحقيقي، فنحن أغنى دولة عربيا ماليا، ومن أفقرها ثقافيا بسبب ثقافة الإعلام والبهرجة. ملتقياتنا الثقافية بطالة ثقافية، ومكان جميل لتعلم لبس البشوت، والنوم الثقيل، وصفها صالح الشيحي في واحدة من تغريداته بقوله: (ما كان يحدث في بهو ماريوت على هامش ملتقى المثقفين عار وخزي على الثقافة.. آمنت أن مشروع التنوير الثقافي المزعوم في السعودية يدور حول المرأة). عاشت الثقافة.. وعاش التنوير. Ssz1961@hotmail. com