إن نعمة الأمن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، ومطلب ضروري من ضروريات الإنسان، ولذلك كان من مقاصد الشرائع السماوية المحافظة على الضروريات الخمس وهي: حفظ النفس، والدين، والعقل، والعرض، والمال، فإذا حفظ للإنسان هذه الضروريات فقد حصل على أسمى هدف، وأعظم غاية يرجوه الإنسان في هذه الحياة الدنيا وهو الأمن بجميع صوره، ومن فضل الله سبحانه أن هيأ لنا حفظ أمننا، وجعل ذلك مرتبطًا بالإيمان، وجعل بينهما ارتباطًا قويًا وتلازمًا ضروريًا فلا أمن بدون تطبيق الشريعة الإسلامية، ولا يتحقق تمام الإسلام وكماله، والعمل بشعائره، وإقامة حدوده إلا بالأمن، ولا تقوم مصالح العباد إلا بالأمن، فالأمن هو روح الحياة وقلبها النابض ولذلك دعا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام لما شيد بيت الله الحرام أن يكون آمنا، قال الله تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات)، إنها دعوة مباركة مهمة بدأها بالأمن قبل الدعاء بالرزق لأنه لا يمكن طلب الرزق والعمل إلا إذا تحقق الأمن وقد استجاب الله دعاءه، قال الله تعالى: (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، وقال تعالى: (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم).