في آخر دراسة أعلنتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات.. أن عدد المقيمين في المملكة العربية السعودية من غير المواطنين بلغ ثمانية ملايين وأربعمائة وتسعة وعشرين ألف مقيم، يضاف إليهم أربعمائة وواحد مقيم.. وبتفصيل أكثر بلغ عدد الذكور منهم أكثر من خمسة ملايين وافد.. والإناث أكثر من مليونين.. هذه الإحصائية قادتني إلى تساؤل من أحد الوافدين المثقفين الذي وصل لأول مرة إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي.. فحينما رآني بزيي الوطني سلّم عليَّ، وكان مجيدًا للغة الإنجليزية، وبالمناسبة فهو أحد رعايا شرق آسيا، بادرني بالقول إنه لأول مرة يأتي للمملكة العربية السعودية، وسألني سؤالاً عابرًا جعلني أحتار في الإجابة.. يريد أن يعرف أنظمة البلد وقوانينها بسؤال: هل توجد إذاعات بلغتي.. تبث للجاليات المتواجدة في وطنكم؟.. تذكرت الإذاعات الموجهة في وسائل إعلامنا وعددها سبع إذاعات تبث بلغات أندونسية وفارسية وسواحلية وأوردية وتركستانية وبنجلاديشية وتركية.. وكل إذاعة عدد ساعات بثها ثلاث ساعات.. يتقاسمون على حد علمي موجة واحدة تغلق الأولى وتعقبها الثانية.. وهكذا.. لكن بثها موجه لخارج الوطن.. ونحن بالتالي تناسينا هذه الأعداد الكبيرة من المقيمين، ولم نوجه لهم رسائلنا الإعلامية.. فالإذاعات الموجهة هدفها في الغالب نقل الرسالة الإعلامية إلى جمهور معين مستهدف سواء داخل الوطن أم خارجه بلغة الجمهور المستهدف ليسهل فهمها بسهولة ولتعكس هذه الرسالة الإعلامية الأهداف التي تسعى لها وتصبو إلى تحقيقها من وراء إطلاق هذه الإذاعة.. يبدو أننا بعيدون عن التخطيط الإعلامي السليم الذي صنفه أساتذة الإعلام إلى ثلاثة أطر تكمن في التخطيط المركزي ويهدف إلى توجيه البرامج الإذاعية إلى جميع مناطق الدول، بحيث يكون هناك توازن يعرض البرامج لتناسب كل فئات المجتمع.. وتخطيط إقليمي وهو ديدن ما نريده ويكمن في توجيه برامج إذاعية موجهة لعدة مناطق داخل الوطن، وتخطيط دولي وهو الذي يتجه لخارج الوطن. إذا كنت في أي دولة عربية أو أوروبية ستصافح أذنك تلك الإذاعات الموجهة، وهي تبث إرسالها لداخل وخارج الوطن.. فمصر مثلاً لديها اثنتان وثلاثون إذاعة موجهة، تسمع بوضوح داخل الدولة وخارجها.. رغم أن أعداد المقيمين لديهم أقل بكثير مما لدينا من شرائح متنوعة داخل هذا الوطن.. إن الإذاعة تلعب دور التنشئة الاجتماعية بنقل الثقافة للأجيال من ناحية عرض التقاليد وبيان الحقوق والواجبات لكل فرد. فهل نغير بوصلة هذه الإذاعات الموجهة لتكون مسموعة داخل الوطن ونبث رسائل إعلامية موجهة لكل الفئات المقيمة، ونستفيد من دراسات مصلحة الإحصاءات العامة.. ونعرف كل وافد قوانين وتشريعات الوطن لنساهم في بث الجانب الأمني والتقليل من نسب الجرائم التي يرتكبها الوافدون لجهلهم بأنظمة الوطن، وعدم استفادتهم من الرسائل الإعلامية التي نود أن نصل من خلالها إلى الهدف الذي نود ونسعى إليه.. (*) إعلامي وباحث