حقيقة المفاهيم الخاطئة تحزَن وترثي لحال أصحابها وإن علت درجتهم العلمية وليس كل متعلم متفقها،وان كان تخصصه في الشريعة ويكفي دليلا هذان الحديثان ، الأول وارد في مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن دعوة الحبيب صلى الله عليه وسلم لسيدنا عبدالله بن العباس رضي الله عنهما حيث قال الراوي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على كتفي أو على منكبي شكّ سعيد ثم قال: اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل) والثاني وارد في الصحيحين واللفظ لمسلم قوله صلى الله عليه وسلم ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله ) والحكمة كذلك ربانية يهبها الله عزّ في علاه لمن يشاء من عباده سواء أمّيين كانوا أو متعلّمين أو ما كانوا والدليل القاطع قول الله تعالى ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ) البقرة:269 ولم ابدأ بتلك المقدمة إلا لأنني لمست أن البعض قد فهم خطأ حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم الصحيح الصريح الوارد في صحيح ابن حبان ونصه ( البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ علي ) صلى الله عليك يا حبيبنا. والفهم الخطأ الذي أعنيه هو أن هذا البعض فهِم انه بخلٌ بعدم صلاته على النبي الأمي المحمدي صلى الله عليه وسلم وغاب عنه أن المقصود بخله على نفسه والحبيب صلى الله عليه وسلم غني بفضل الله ومنّته عليه وأغناه الله عن غيره لأن الله عز وجل غني بذاته وأغنى نبيه صلى الله عليه وسلم عن جميع خلقه وسوف يبعثه مقاما محمودا ومنزلة رفيعة يغبطه عليها جميع الخلق والمخلوقات (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الإسراء:79) والآخرة خير للحبيب صلى الله عليه وسلم وفيها له مستقر ومقام ورضا سواء صلّى عليه من صلّى « لا تزيده صلاتهم شيئا « . او امتنع وبخِل من بخل لا يضيره من ذلك شيء ولا ينقص من مقامه صلى الله عليه وسلم عند ربه عزّ في علاه قدر أنملة ( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) ( الضحى : 4 ، 5 ) . والصلاة على النبي نطلب بها من الله أن يصلي على حبيبه عزّ في علاه وحبيبنا صلى الله عليه وسلم ولا نصلي نحن عليه كما يفهم البعض ( اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم واللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ) والله جل جلاله يصلي عليه صلى الله وسلم عليه سواء صلينا عليه أم لم نصلّ ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما ً) (الأحزاب:56) وطلبنا من الله منفعة لنا ورحمة تحل بنا وعلينا والأجر فيها وبها وفير و كثير وجمّ للمصلي عليه صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم ( من صلى عليّ مرة صلى الله عليه بها عشرا ) حديث صحيح . والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تعني البركة والخروج من الظلمات إلى النور وبها ترفع الدرجات وتمحى السيئات وسبب لغفران الذنوب وتكفي الهمّ وتقرّب العبد إلى الرب وبها تقضى الحوائج وبها يبشر العبد بالجنة قبل الموت وبها ينفى الفقر والعوز لغير الله وسوف استعرض جزءا من ثمرات منافعها في مقال آخر إن شاء رب الأنام والآكام وكل مخلوق وبالأدلة الصريحة الصحيحة . وصدقت يا حبيبي يا رسول الله صلى الله عليك وسلم حين قلت ( رغِم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلّ علي ) فرغم أنف من تكبّر ولم يصل عليك وقبّح الله وجهه . وما اتكالي إلا على الله ولا اطلب أجرا من أحد سواه.