ظلت الوحدة تشكل ملمحًا بارزًا ومكون أساس في الفكر الإستراتيجي للقادة السعوديين منذ عهد القائد المؤسس والباني الموحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- يرحمه الله- وهو ما أمكن تجسيده من خلال المسيرة السعودية التي توجت بولادة هذا الكيان الموحد الذي أصبح يمثل نموذجًا يحتذى في وحدة الأوطان. لذا عندما تصدر الدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- يحفظه الله- في كلمته في افتتاح قمة دول مجلس التعاون الخليجية التي احتضنتها الرياض أمس الأول للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد ضمن كيان قوي موحد قادر على مواجهة التحديات والمخاطر المتزايدة التي تحيط بدول المجلس وتهدد أمنها واستقرارها ومستقبل شعوبها، فإن تلك الدعوة إنما تجيء في الوقت المناسب لتعكس رؤية حكيمة ونظرة ثاقبة للمستقبل من خلال الأوضاع والظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، وكيفية التعامل بفاعلية مع تلك المخاطر والتحديات، انطلاقًا من الشعور بالمسؤولية الوطنية والتاريخية الملقاة على عاتق أولئك القادة، والإيمان بأن المصير الواحد يفرض نفسه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ دول المجلس باعتباره المكون الأساس والعنصر الأهم والحافز الأكبر في تحقيق الحلم الخليجي في الوحدة الذي يعتبر الهدف النهائي لدول المجلس. تبني إعلان الرياض الصادر أمس عن القمة الخليجية لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الداعية إلى اتحاد دول المجلس، إلى جانب ما تضمنه الإعلان من عناصر لتفعيل خطوط الدفاع الأمنية والاقتصادية والدفاعية لدول المجلس بدءًا من المسارعة في تشكيل هيئة متخصصة لدراسة المقترحات والآراء المتبادلة بين القادة الخليجيين بخصوص مبادرة خادم الحرمين الشريفين، ومرورًا بالتأكيد على ضرورة العمل على تحقيق التكامل الاقتصادي وتطوير التعاون الأمني والدفاعي مرورًا بتحصين الجبهة الداخلية وترسيخ الوحدة الوطنية لدول المجلس ومواصلة مسيرة الإصلاح والتطوير، كل ذلك يدعو إلى الثقة والتفاؤل والاطمئنان بأن أمن دول المجلس واستقرارها ووحدة أراضيها وترابها ومستقبل أجيالها ترعاها العناية الإلهية، ثم قيادة مخلصة تتطلع بالدرجة الأولى إلى مصلحة أوطانها وشعوبها، وتحسس مواضع الخطر الذي يستهدف وحدة وأمن واستقرار تلك الأوطان، والعمل الجاد من أجل تحقيق طموحات وآمال المواطن الخليجي وتأمين مستقبل الأجيال القادمة.