فيما تواصل القوات الأمريكية انسحابها من العراق الذي تنتهي أجندته مع نهاية هذا الشهر، وفيما يقوم رئيس الوزراء نوري المالكي بزيارة واشنطن للتباحث مع الرئيس أوباما حول مستقبل العراق ومستقبل العلاقات الأمريكية العراقية في مرحلة ما بعد الانسحاب، فإنه يفترض من المجموعات المسلحة التي كانت تبرر عملياتها بأنها مقاومة للمحتل أن تتوقف عن العنف وتقوم بتسليم أسلحتها لسلطة البلاد، كما يفترض من الكتل والأحزاب السياسية الالتفاف حول مبادرة رئيس الجمهورية جلال الطالباني لعقد اجتماع بين قادة الأطراف السياسية لمعالجة المشاكل الموجودة في العراق في الوقت الراهن والمشاكل التي يمكن أن تطرأ مستقبلاً. هذا هو المفترض والمؤمل، لكن المشهد العراقي الراهن يدعو إلى التخوف والقلق، إذ يغادر الأمريكيون عراقا طردوا منه صدام حسين لكنهم أتاحوا حضورًا إيرانيًا ملحوظًا في الشأن العراقي، تحول بعده العراق إلى ساحة مواجهة بين واشنطن وطهران. فيما يشكو العراق وطأة تأثير الهوى الطائفي على الخيارات السياسية والأمنية بما قد ينعكس سلبًا على أمن العراق والأمن الإقليمي برمته. عراق ما بعد صدام يستحق حياة أفضل كان ينبغي أن يجني العراقيون ثمارها بعد سقوط النظام السابق. لكن حالة الانفلات الأمني والاحتقان الطائفي الذي كثيرًا ما قاد إلى مذابح ومواجهات دموية بين مختلف الفصائل والطوائف العراقية، كل ذلك حال دون تمكين العراق من الاندماج مجددًا ضمن رؤية استراتيجية عربية تهدف إلى توفير الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة برمتها. العراق في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي في حاجة إلى إزالة آثار الاحتلال أولاً ثم التخلص من التبعية لإيران في أقرب وقت ممكن. وهو هدف ينبغي أن يلتف حوله جميع العراقيين لإعادة بناء عراق حر وموحد وقوي وفعال.