في فيديو كليب يلقى رواجا بين الشبان العراقيين، يسأل مغنى الراب بعد ان يقتاده مسلحان الى سجن في سيارة "هامر" امريكية "ليش شوارع العراق صارت متعطرة بالدم، ليش الكل إيد واحدة وإحنا متفرقين؟". و"دكتور كوني" هو واحد من مغني راب عراقيين كثر بدأت اعمالهم تنتشر بعد اجتياح القوات الامريكية للبلاد عام 2003. ورغم ان غالبية العراقيين لا يزالون يفضلون الموسيقى الاصيلة، الا ان نتاج هؤلاء الشبان يمثل احد المتغيرات التي حملها الامريكيون الى مجتمع مغلق حكمه حزب واحد لاكثر من ثلاثة عقود. ومنذ اللحظة الاولى لسقوط نظام صدام حسين، اصبحت البلاد اكثر انفتاحا على العالم بعد حصار دولي بدأ العام 1990 اثر اجتياح الكويت، وحرم العراقيين من ابسط اشكال الرفاهية. فخدمة الانترنت التي كانت متوفرة عبر خطوط ارضية لاشخاص محددين وتخضع لمراقبة مستمرة، اصبحت موجودة في معظم المنازل. وباتت ايضا الهواتف النقالة واجهزة استقبال القنوات الفضائية متوفرة، بعد ان كان النظام السابق يعاقب من يمتلكها بالسجن ستة اشهر. وتسببت السيارات التي تدفقت على العراق بأولى ازدحامات حركة السير في بغداد بعد 2003، بينما أعاد العراقيون اختبار فاعلية مكيفات الهواء داخل السيارات على اعتبار ان هذه المكيفات عندما كانت تتعطل إبان النظام السابق لم يكن اصحابها يعثرون على قطع غيار لها. وتقول حنين صباح (27 عاما) الاستاذة الجامعية التي تدرس اللغة الانكليزية "استخدمت الانترنت للمرة الاولى في حياتي العام 2002، وكان ذلك في مركز للانترنت في بغداد، الا ان كل المواقع كانت محظورة آنذاك، ما عدا المواقع الفنية". وتضيف "عندما استحصلنا على خط خاص للانترنت في المنزل في 2003، اصبحت كالمجنونة، حيث كنت أمضى معظم وقتي امام شاشة الكمبيوتر". ويقول اكرم ابو احمد (45 عاما) وهو صاحب محل لبيع المواد الانشائية في بغداد "شعرت ان عالما جديدا انفتح امامي عندما احضرت جهاز تلفزيون جديد وجهاز استقبال للقنوات الفضائية". ويوضح "كنا نتجمع انا واطفالي الثلاثة، نتسابق على تتبع القنوات ورؤية كل شيء، اي شيء ومهما كان نوعه". وكان العراقيون محكومين بمشاهدة ثلاث قنوات عراقية فقط تشمل برامجها الرياضة والسياسة وافلام الكرتون. وفي شارع المتنبي التاريخي وسط بغداد، يتنقل القراء بين الكتب التي تفترش جانبي الشارع، وبينها كتب دينية وروايات حديثة لكتاب امريكيين لم تكن متوفرة في العراق قبل العام 2003. ويقول شعلان زيدان (50 عاما) الذي يملك زاوية يبيع فيها الكتب منذ 30 سنة "في بداية الاحداث (بعد سقوط النظام)، انصب اهتمام القراء على الاتجاه الديني وخصوصا الكتب التي كانت ممنوعة". ويضيف: "انفتحت اسواق الكتب بعد ذلك امام العالم، وتحول التركيز نحو كتب تعلم اللغة الانكليزية وروايات مثل ،توايلايت، وهاري بوتر، الا ان القراء باتوا يميلون اليوم نحو مسائل سطحية مثل كتب السحر والروحانيات والابراج". وفي ساحة الجادرية المقابلة لجامعة بغداد في جنوب العاصمة، يتجمع شبان عراقيون كل يوم جمعة، وينظمون عروضا بالسيارات والدراجات النارية. ويقف منظم السباقات وسط سيارتين، ويرفع علما ثم يهبط به على الارض ايذانا ببدء سباق يستنسخ سباقات امريكية مماثلة، عادة ما تكون نجمتاه سيارتي "دودج تشارجر" و"فورد موستانغ" الامريكيتين. وباستثناء هذه السيارات، بقيت اسواق العراق منيعة بعض الشيء امام البضائع الامريكية كونها اكثر كلفة من غيرها. وينسحب ذلك على بعض ابرز رموز طريقة العيش الامريكية. فلا "ماكدونالدز" في العراق، ولا "بيتزا هت"، ولا مقهى "ستاربكس" الشهير، ولا غيرها من مطاعم ومقاهي الخدمة السريعة، ما عدا بعض الاماكن المقلدة مثل "هابي ماكدونالدز"، و"بيتزا هيت" (القبعة) في العاصمة.