تخلصت الولاياتالمتحدة من الحرب في العراق بهدف التفرغ للتعامل مع تحديات اخرى وخصوصا في اسيا غير ان ارثها من الحرب هناك والصراع المستمر في افغانستان لا يزالان يعيقان خططها هذه. وفيما تسحب واشنطن آخر جنودها من العراق والذين بلغ عددهم عام 2007 حوالى 170 الف جندي، فانه لم يعد على المسؤولين الامريكيين ان يقلقوا من امكانية وقوع قتلى في صفوف العسكريين هناك، ما قد يمنحهم هامشا اوسع للتحرك في السياسة الخارجية. الا ان محللين يرون ان الولاياتالمتحدة لا تزال تصارع التبعات المالية الكبيرة لسنوات الحرب التسع، فيما تعمل على مواجهة صعود ايران كتهديد اقليمي، وعلى تغيير النظرة المعادية لها في المنطقة. كما ان العمل في العراق لا يزال يحتاج الى موارد امريكية كبيرة. ورغم الانسحاب العسكري الكامل، فان السفير الامريكي لدى بغداد جيمس جيفري اعلن في وقت سابق ان بلاده ستنفق حوالى ستة مليارات دولار في العام 2012 في العراق، حيث ستبقى هناك اكبر سفارة امريكية في العالم في مهمة تشمل حوالى 16 الف شخص. الا ان هذه التكاليف لا تشكل الا جزءا يسيرا من مئات مليارات الدولارات التي انفقتها واشنطن لنشر جنودها في العراق، ومن معاناة عشرات آلاف الامريكيين الذي قتلوا او اصيبوا خلال الحرب. ويقول الرئيس الفخري لمعهد العلاقات الخارجية في واشنطن ليزلي غلب لوكالة فرانس برس انه «لا غبار على حقيقة ان الانسحاب من العراق يمنحنا هامشا للتحرك والمناورة في الداخل والخارج». ويضيف «انها اضافة كبيرة الا انه لا يزال هناك حمل ثقيل وهو افغانستان. وقد يعتقد البعض ان خمسين بالمئة من المشكلة ستجد طريق الحل عندما نخرج من العراق، الا ان الامر لا يسير بهذه الطريقة». وقال غلب ان اعادة التركيز على اسيا مبني حاليا على «مجرد كلمات» لان القادة الامريكيين لا يزالون «يخصصون معظم سياستهم الخارجية الى افغانستان. كما ان الولاياتالمتحدة لا تزال تعاني من ارث العراق تحديدا». وتابع «دمرنا العراق الذي كان يتصدى لايران، وهذا امر سلبي للغاية». وذكر غلب انه «بعد ذلك اضعفنا انفسنا اقتصاديا، فلم نفرض ضريبة حرب مثلا لتسديد تكاليف حرب العراق، او حرب افغانستان علما ان جزءا كبيرا من ديون البلاد يعود الى هاتين الحربين». اضافة الى ذلك، يرى غلب ان النظرة المعادية للولايات المتحدة لا تزال موجودة كون القوات الامريكية اجتاحت دولتين مسلمتين، وان وجود شعور مماثل سيصعب على واشنطن التعامل مع الحكومات العربية والمسلمة. ويشكك مايكل اوهانلون المحلل في معهد بروكينغز في أن يكون لدى الولاياتالمتحدة متسع من الوقت للتعامل مع مسائل اخرى ملحة، مثل التغير المناخي او البحث عن الطاقة او التحديات الاستراتيجية في اسيا. ويرى انه «يمكن ان نقول ان ارث العراق سيستمر لانه واحد من اسباب شعورنا بالعجز كدولة هذه الايام، واحد الاسباب التي اعتقد انها ستكون وراء اعادة تركيزنا جهودنا لفترة من الوقت على الداخل». لكنه شدد على ان الولاياتالمتحدة تبقى مع ذلك قوة عظمى بقدرة عسكرية هائلة.