فور إطلالة الرئيس الامريكي ال44 باراك اوباما على الصحفيين عبر حديقة الورود النائمة في حضن البيت اليضاوي ، و في اول ظهور له بعد فوزه بجائزة نوبل للسلام لم يخف إطلاقاً مشاعره ، حيث اعتبره "مفاجأة كبيرة" ولايستحقها. يبدو ان الدهشة لم تقتصر على اوباما نفسه بل انسحبت على جميع من لديهم اطلاع في كيفية صنع القرار داخل الولاياتالمتحدة من مراقبين باستثناء قلة قليلة . ففي حين يرى بعض المحللين ان الرئيس الامريكي الاول المنحدر من اصول افريقية لايستحق هذه الجائزة لقلة انجازاته على الساحة الدولية ، فهو لم يضع حداً لحرب مثل روزفلت في العام 1905، وايضاً لم يكن رأس حربة في انشاء مؤسسة تعنى بالأهداف النبيلة مثل الاممالمتحدة ، يؤكد آخرون ان اوباما يستحق جائزة نوبل للسلام لأنه يعبر عن "جرأة امل" وتطلعات نحو تعزيز مفهوم الحوار والمفاوضات والتعايش من خلال استخدام الكلمة بدلاً عن السلاح. ووفقاً لاستاذ التاريخ في جامعة رايس ورئيس صحيفة "مذكرات ريغان" في كلامه المنشور على صدر الصفحة الاولى لجريدة النيويورك تايمز في عددها يوم امس (السبت)، فإن اوباما من الزعماء القلائل الذين باستطاعتهم فعل الكثير ، لافتاً الى انه " يستحق جائزة نوبل لقدرته وجرأته في نقل المشهد الدولي من معناه التقليدي الى ان اصبح يتعامل من منظور متطور وحديث ، فهو اصبح بذلك سفيراً للامل ليس في بلاده فحسب بل ايضاً في جميع انحاء العالم". لكن جون تيرمن ، الذي يتقلد وظيفة المدير التنفيذي لمركز الدراسات الدولية في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا يختلف مع هذا الطرح ويعتبر ان الحصول على جائزة نوبل أمراً هامشياً. وذهب مايكل اوهانلون الباحث في معهد بروكينغز الى ابعد من ذلك ، وقال :" من السابق لأوانه الحكم على اداء اوباما وهل سيسفر على نتائج ملموسة"، مضيفاً "اعتقد ان الناس ينظرون الى منح الرئيس جائزة نوبل بمزيد من الاحترام، لكن ان تمنح الى رئيس لم تدم مدة رئاسته السنة هذا يفقد قيمة الجائزة نفسها"، لكنه استدرك قائلاً:" من المؤكد انها لن تضر بشىء". صحيح ان جائزة نوبل للسلام لاتعدو كونها تحمل رمزية محددة، خلافاً لغيرها من الجوائز ، التي تمنح نظير انجازات ملموسة مثل الكيمياء والادب، لكن حضور الرئيس اوباما وبشكل بارز على المسرح الدولي اعطى الجائزة زخماً خاصاً ، بل سيضيف الى الجائزة الشيء الكثير والمزيد من الشهرة لدى كثيراً من الناس لاسيما الامريكيين وفقاً لبعض المحللين هنا في واشنطن. ولعل ابرز مااتفقت عليه الصحف الامريكة في اعدادها اليوم السبت ان المعنيين في اتخاذ القرار لمنح جائزة نوبل للسلام نجحوا في اعطاء حافز مهم للرئيس اوباما في المضي قدماً في تعزيز المناخ ، الذي نجح في خلقه عبر" الدبلوماسية المتعددة الاطراف ". وبطرح اوباما الجديد منذ تبوئه منصبه الجديد كرئيس امريكي قبل تسعة شهور وتشديده على دور الامم التحدة والمؤسسات الدولية واستخدام لغة الحوار والمفاوضات في حسم الخلافات والنزاعات التي تشهدها اكثر من ساحة من العالم ، قد وجه انتقاداً ضمنياً لسلفه السابق جورج بوش ، الذي شن حربين الاولى في افغانستان والأخرى في العراق، كما يردده معظم المحللين الامريكيين. لكن يبقى ان تتوج وعود الرئيس اوباما والفائز مؤخراً بجائزة نوبل للسلام الى افعال وهذا مايشكك فيه بعض المحللين هنا، خصوصاً ان ماتشهده الساحات في العراق ومسألة انسحاب القوات الامريكية ، وافغانستان والجدل الدائر بشأن الاسترتيجية الجديدة للرئيس وامكانية ارسال 40 الف جندي امريكي اضافي، والتعامل مع ايران ومحاولة وقف البرنامج النووي بالطرق الدبلوماسية، وقضية احلال السلام في منطقة الشرق الاوسط الذي لايزال الوضع هناك يراوح مكانه بالاضافة الى موضوع الاحتباس الحراري، كل ذلك يشكل اختباراً حقيقياً للرئيس اوباما بعد منحه جائزة نوبل للسلام.