الأمطار بشرى خير وبركة يعم الله بنفعها البلاد والعباد، وقد بدأ دخول موسم الأمطار للمملكة من 15 نوفمبر 2011م ويمتد حتى 15 أبريل 2012م (أي من نهاية الخريف مرورا بالشتاء حتى منتصف الربيع)، ثم يبدأ ينحسر لدخول أشهر الصيف التي تعتبر جافة على معظم أرجاء المملكة ما عدا جزءها الجنوبي الغربي. وتتأثر أمطار المملكة بنظام البحر المتوسط (حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاءً)، وهي تخضع للمنخفضات الجوية المتأثرة بالكتل الهوائية الباردة الجافة القادمة من مناطق الضغط المرتفع المتمركز على الكتلة السيبرية، حيث تلتقي بالكتل الدافئة الرطبة القادمة من مناطق الضغط الآزوري المنخفض المتمركز على المحيط الأطلسي، وينشأ من تقابل تلك الكتل ما يطلق عليه «بمطر المنخفضات»، أو «مطر الجبهات»، أو «المطر الإعصاري». وقد عاصرنا في العامين السابقين في كل من ( 9 نوفمبر 2009 و 25 يناير 2011 ) أمطارا إعصارية عنيفة جدا أسقطت كميات كبيرة من الأمطار في ساعات زمنية محدودة جدا مما أدى إلى نشوء سيول عارمة وفيضانات لبعض بطون الأودية اجتاحت معظم أجزاء محافظة جدة وخلفت وراءها الفقد الكبير في الأرواح والممتلكات والُبِنى التحتية للمحافظة. وها هو موسم الأمطار قد أقبل ولكنه اليوم يختلف عن الأعوام السابقة حيث اتخذت بعض التدابير والحلول العاجلة التي تحد – بإذن الله- من طغيان السيول على المنشآت العمرانية والبِنى التحتية وتقلل من الخسائر في الأرواح والممتلكات، حيث أُنجز 12 عملا من أصل 14 من الحلول العاجلة لحماية جدة من السيول، وبقي اثنان نسأل الله أن تتم في القريب العاجل، كما نسأله سبحانه أن يمر هذا العام بدون سيول تذكر أو أمطار كثيفة حتى تستكمل بقية المشاريع، وحتى نكون جاهزين تماما لصد أي تدفق مائي ذي خطورة على المجمعات الحضرية في المحافظة كلها، ولو حدث لا سمح الله تساقط أي أمطار كثيفة على محافظة جدة، وهذا متوقع، فإنها لن تكون بذلك العنف وتلك الشدة من حيث التأثير لاسيما بعد أخذ كل هذه الاحتياطات لدرء مخاطر السيول, وكل ذلك بطبيعة الأمر تحت مشيئة الله وإرادته. الذي نريد أن نصل إليه في هذا المقال هو: أن الأمطار هي بشائر خير وبركة وتدلل على النماء والعطاء، وقد كان النبي المصطفى – صلى الله عليه وسلم – يستأنس بالمطر ويقول: اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا بلاء ، ولا هدم ولا غرق، اللهم على الظراب ومنابت الشجر، اللهم حوالينا ولا علينا». فالمأمول من سكان محافظة جدة أن يستبشروا خيرا بقدوم الأمطار ( وما زال الحذر قائما)، بعد أن تم إصلاح بعض الأخطاء التي وقع فيها بعض من أوكل لهم الأمر مسبقا لتصريف مياه السيول والأمطار في المحافظة، ولكن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لن نبكي مرة أخرى على اللبن المسكوب، ولكن نقول: إن الاحتياطات الاحترازية قد شيدت لدرء مخاطر السيول، وذلك بناءً على ما سمعناه من ولاة الأمر والمسؤولين في القطاعات المعنية بهذا الموضوع، فلا داعي للقلق والخوف والتهور والاندفاع نحو مدارس الأبناء عند أول غشقة مطر، ولا داعي لإرباك الحركة المرورية، وتكدس السيارات في كل مكان عند بداية هطول الأمطار. فلذا نوجه نداء لجميع الراشدين بأن يتعاملوا مع الأحداث بهدوء وروية وعدم إدخال الرعب في نفوس الطلاب والكبار والصغار، بل عليهم التصرف بحكمة بدلا من إظهار علامات الخوف والجزع والتدافع نحو الأبواب بدون أي مبرر لذلك. إن العناصر المناخية ومنها المطر، والحركات الأرضية الفجائية السريعة، لا يمكن لأحد أن يجزم بحدوثها في وقت معين، وإن أغلب توقعاتها سرعان ما تتغير وتأتي خلاف ما توقعه رجال الرصد المناخي، وهذا لا يعني أن نتجاهل رجل الطقس وما تقدمه الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة من بلاغات ومعلومات، ولكن هذه أمور مرتبطة بمشيئة الله، فعلينا أن نأخذ بالأسباب، ونأخذ كل ما يبث عن طريق الجهات الرسمية المسؤولة وذات العلاقة المباشرة بأحوال الطقس على محمل الجد، كما نؤكد على عدم تصديق كل ما يبث عن طريق بعض مراكز الرصد المناخي في بعض جهات العالم، والتي تبث الخوف والأخبار المزعجة التي سرعان ما تفقد مصداقيتها بمرور الأيام دون حدوث أي طارئ من تلك التوقعات، وفي نفس الوقت يجب أخذ الاحتياط والبعد عن الأماكن غير الآمنة، والاستماع لتوجيهات الجهات الرسمية في الدولة، والأخذ بالمعلومات من مصادرها الصحيحة، وعدم تناقل الإشاعات التي غالبا لا تأتي بخير. حفظ الله الجميع من كل مكروه .