جائزة لابتكارين * هل لك أن تعطينا فكرة عن البحث الذي خولك الفوز بجائزة عكاظ في «الإبداع والتميز».. وأي شعور تلبسك بعد علمك بالفوز؟ تقدمت للجائزة ببحثين ابتكاريين، مع الإشارة إلى أن عدد الأبحاث كان أكثر من ذلك بكثير، أول هذين البحثين تناول انزيمات جادفيتاز وتطويرها باستخدام تقنية النانو تكنولوجي وبحث دورها في إنتاج مواد لها قيم اقتصادية عالية، حيث حاولت أن إيجاد اختراعات ومنتجات كثيرة لكي أقدم للجهاز المناعي للإنسان مقاومة إضافية، من واقع أهمية هذا الجهاز للإنسان، مع خلط هذه المنتجات جزيئات الحديد النانو الممغنط بحجم 12،5 نانومتر، وقد وجدت في مخلفات الأرز والقمح تحتوى على المادة الخام بنسبة 10% والتي لا يمكن أن تنتج بصورة نقية إلا من خلال تقنية النانو تكنولوجي لتنتج منتجات صغيرة جدًّا بحجم النانو، ولها دور كبير جدًّا في علاج كثير من الأمراض، ولكن بحال استطعنا عزلها والحصول عليها فإنها ستكون غالية جدًّا، وسوف يكون إنتاجها بالغرامات وسيكون سعرها بملايين الدولارات. وأنا أقوم بأبحاث من أجل أن استطيع التوصل لإنتاجها بأسعار مناسبة جدا ورخيصة للناس الفقراء والمساكين وذوي الدخل المحدود كي يستطيعوا الحصول عليها، لأنها ستكون مغذية، وستساعد في تقوية جهاز المناعة لديهم، وبالتالي سيتجنبون بإذن الله الإصابة بالعديد من الأمراض، كأمراض الفيروسات والسرطانات وأمراض الكبد الوبائي. والأمراض الوبائي، وقد أثبت علميًا أن القدرة التي لدى هذه المركبات الصغيرة بحجم النانو على زيادة القدرة المناعية للجسم والعلاج من أمراض سرطانية مختلفة بل بكل أنواعها. إنني أحاول إنتاج علف حيواني وظيفي نقى خالي في تركيبته من البروتينات الحيوانية. فكما هو معلوم، فإن غالبية الشركات الخاصة بإنتاج اللحوم الحيوانية تحاول إنتاج لحوم حيوانية بكميات كبيرة وبسرعة كبيرة، وتحاول الحصول على حيوانات سمينة وكبيرة الحجم بأسرع وقت ممكن، كي تبيعها وتجمع أكبر قدر ممكن من الأموال، لذلك فإنها تعمد إلى تغذية هذه الحيوانات بعلف هرموني وبروتيني ما يجعل اللحوم سيئة وضارة أحيانًا وغير قابلة للحفظ والتفريز لأوقات طويلة، كما أن هذه الأعلاف الحيوانية المضرة كثيرًا ما تسبب أمراضًا للحيوانات نفسها، وهو ما لاحظناه خلال انتشار مرض إنفلونزا الطيور ومرض إنفلونزا الخنازير وجنون البقر وغيرها. أما البحث الثاني فقد استخدامت فيه تقنيات النانو الحيوي لتطوير طرق تشخيص سريعة للكشف عن الملوثات الجرثومية في اللحوم وشحوم الخنازير، وهو تحليل اللحوم ومعرفة ما إذا كانت قد ذبحت على الطريقة الإسلامية أم لا، ومعرفة تحديد شحوم الخنزير في الأغذية، وجدت أن هناك كثرة من المعلومات لا بد أن نساعد الناس فيها، وهي موجودة في الكتاب والسنَّة ونصح بها الرسول صلّى الله عليه وسلم، وبالتالي يجب أن نوجد الآلية لمساعدة الناس على التحقق مما يأكلونه أو يشربونه أو يستخدمونه في حياتهم. وهذا ما وفقني فيه الله سبحانه وتعالى، حيث استطعت الاستفادة من تقنية النانو تكنولوجي في إيجاد طريقة لمعرفة والكشف عن أي نسبة من شحوم الخنازير موجودة في أي طعام أو شراب أو غذاء، جافًا كان أم سائلًا أو حتى في صورة كريم او جيلاتين. أما بخصوص شعوري حيال هذا الفوز فإنه شعور لا يوصف وخاصة هذه الجائزة جاء بعد حصول ابتكاراتى منذ أربعة أشهر بأمريكا على أربع ميداليات ذهبية ممثلة في كأس أمريكا للابتكار مقدم من الجمعية الأمريكية للمخترعين، وأحسن ابتكار وهي جائزة خاصة من الجمعية الكرواتية للمخترعين من بين ابتكارات وصل عددها إلى 1020 من أكثر من 19 دولة في العالم، وأذكر أنه لما علمت السفارة الألمانية بالرياض سجلت الخبر عن الجائزة بأن بروفسور ألماني قد فاز بالجائزة وكتبت مختصرًا عن تاريخي العلمي بألمانيا وخارجها ووجودي بجامعة الطائف. وهذه الجائزة لها طعم خاص وخاص جدًّا، لأنها ولأول مرة تسلم من يد صاحب السمو الملكي الأمير الملكى خالد الفيصل، أمير منطقة مكة. جهود مقدرة * كيف تلقيت خبر فوزك بالجائزة؟ اتصل بي من إمارة مكةالمكرمة معالي مدير جامعة الطائف الأستاذ الدكتور عبدالإله باناجه في تمام الساعة الرابعة وأخبرنى بالفوز بالجائزة مناصفة وهنأني وأحسست حينها بأنني في وطني الغالي الذي ثمن الجهود التي بذلتها من أجل جامعة الطائف ومنطقة مكة والمملكة العربية السعودية، وبعد أن صليت العصر وسجدت لله شكرًا وجدت أولادي يصورون في قناة الثقافية وسعادة الأستاذ الدكتور جريدي بن سليم المنصورى أمين سوق عكاظ يتحدث عن الفائزين. ثقة وحب * ماذا أضافت لك الجائزة؟ أضافت لي هذه الجائزة ثقة وحبًا في وطني المملكة العربية السعودية، ودفعة للعمل المتواصل لانهاء منتجي باقصى سرعة وتقديمه كمنتج لخدمة جامعة الطائف والوطن، وتسخير الابتكارات القادمة لمساعدة الشباب والخريجين على إيجاد فرص عمل وبناء، كما أضافت لي عزة بحاضرينا وماضينا. تطوير عكاظ * كيف ترى أهمية سوق عكاظ التاريخية؟ سوق عكاظ ليس الحضارة العريقة في الماضي للأدب والثقافة في الشعر العربي والفنون فقط؛ وإنما أرى سوق عكاظ بدعم والدنا خادم الحرمين الشريفين وسمو الأمير خالد الفيصل المجدد والذى أحيا وساهم في دعم المحققين لتحقيق سوق عكاظ، وسيكون منارة للعلم والتطبيق التكنولوجي بدعم معالي مدير جامعة الطائف ووكلائه. وحلمي أن أرى سوق عكاظ ليس مدينة كاملة المرافق والبنية التحتية كما هو ينفذ الآن فقط؛ بل حلمي بأن يعلم العالم الآن أن سوق عكاظ سيكون سوقًا للبحث العلمي أيضًا، ولتسويق الابتكارات وتطويرها في حاضنات تمتلكها سوق عكاظ، فنحن نملك التاريخ ولكن الرسالة قد وصلت إلى بلدي وهي بلد التكنولوجيا ألمانيا، ثم منها إلى أوروبا وأمريكا، وأرى أن تطوير جامعة الطائف ومطار الطائف سيكونان الشريان الذي يبعث الحياة في سوق عكاظ وتغذيه وتروجه تجاريًا وسياحيًا للعالم بأثره وبخاصة أثناء موسم الحج والصيف وحتى طيلة العام. تجربة جديدة * على أي وجه وجدت تعامل الحضور لسوق عكاظ وتفاعلهم مع أبحاثك؟ ما أدهشني أني كنت أحاول أن أشرح للحاضرين بمنتهى البساطة، ولكن كثيرًا منهم بل معظمهم دعوا لي. كانت تجربة جديدة وبخاصة أن المعرض برعاية معالى مدير الجامعة، مما أعطى للحضور فكرة جيدة عن اهتمام جامعة الطائف بتقديم أبحاث حديثة لخدمة الوطن والعالم بأثره، وكانت أسعد لحظة عندما حضر الأمير خالد الفيصل مع وزراء التربية والتعليم، والسياحة، والثقافة والإعلام، ومحافظ الطائف ومدير جامعة الطائف، كل ذلك كان له الأثر العظيم في نفسي حيث استمعوا لي باهتمام وأنا أقدم رؤية الأبحاث والابتكارات. طريق صعب * من واقع هذه التجربة.. كيف ترى أهمية المسابقات العلمية في دعم العلماء والباحثين؟ العالم لا يستطيع أن يقيّم نفسه، حتى في نشر أبحاثه، إذ لا بد من تقييمها وعرضها على العلماء المتخصصين في أوروبا وأمريكا وآسيا.. وقد قيمت أبحاثي وابتكاراتي من مئات اللجان شارك فيها أساتذة جامعات، ومؤسسات ومكاتب براءات اختراع، وجمعيات المبتكرين في العالم، وقادة ورؤساء الشركات الصناعية في التقنيات المختلفة من معظم دول العالم، وبفضل الله لم أسافر إلى أي دولة دون الحصول على ذهبية فأكثر، ومن الطريف أن كثيرًا من زملائي في ماليزيا وبخاصة في كلية الهندسة ظنوا أنها سهلة، ولما خاضوا التجربة وجدوا أن الطريق صعب.. أقول مرة أخرى لا يمكن لأي عالم أن يقيم نفسه وعمله؛ ولكن هذه الجائزة تمثل شرفًا كبيرًا لعمل العالم، وتكون شمعة تضيء للأجيال من بعده، انظروا إلى العالم الذي حصل على جائزة نوبل في الطب مناصفة مع عالميين آخرين، برغم أنه توفي قبل الإعلان عن الجائزة بأيام قلائل، ومع ذلك حصل على الجائزة.. أبحاث ودراسات * وماذا عن دراساتك وأبرز أبحاثك العلمية؟ أنجزت بحثًا عن انزيمات جاد البكتيرية من نخالات الحبوب، والذي نال براءة اختراع أمريكية تحت الفحص، كما حصل على كأس أمريكا للابتكار، وكأس العالم للابتكار، وذهبيتن بأمريكا، وذهبية بالكويت، ووبرونزية بسويسرا، ولي بحث حاولت من خلاله إيجاد نهج حديث باستخدام تكنولوجيا النانو لتطوير الانزيمات الصناعية، وقد حصل على براءة اختراع أمريكية تحت الفحص، بجانب حصوله على ذهبيتن بأمريكا، ومن البحوث أيضًا نهج حديث باستخدام التقنية الحيوية للنانو للكشف عن الشوائب في الأغذية والأدوية، وغيرها من البحوث الأخرى التي نلت عليها كثيرًا من الجوائز والميداليات. مناخ محبط * الملاحظ أن هناك قصورًا في الاهتمام بالأبحاث العلمية في الدول العربية.. إلى أي سبب ترد ذلك من واقع تجربتك في هذا المجال؟ القصور ليس في الدول العربية، ولكن في الأشخاص، وإنه من العجيب عدم التمييز بين من يعمل ومن ما لا يعمل، فالتقييم الخاطئ للباحثين وعدم التمييز أو المقدرة على عودة وإعادة توطين الطيور المهاجرة أكبر المشكلات التي نراها في ساحة البحث العلمي في وطننا العربي، فكثير ممن قابلتهم يريدون النتيجة بدون عمل، كأنه من العيب أن يعمل في معمل. ويؤسفنى القول إن كثيرًا ممن حصلوا على دكتوراة في الخارج من العالم العربى لا يعملون بمثل الكفاءة التي عمل بها في خارج الوطن العربي، وكأن هذا الوطن لا يستحق البذل والتضحية. إن عدم الوطنية الحقيقية والاعتقاد والانتماء والاخلاص والمناخ البحثي هي كارثة علماء الوطن العربي، هناك تقليد بحثي مدهون بالزبدة والكلام المعسول مع نشر أبحاث لا فائدة لها.. لقد سألت نفسي سؤالًا: لماذا يعمل الباحثون والعلماء في العالم العربى، هل للدخل المادي فقط والترقية وزيادة الراتب.. أم لأمر آخر يخص البحث العلمي الجاد.. إن أخلاقيات البحث العلمي في العالم العربي ضعيفة جدًّا ومخيفة. الضمير الغائب مع عدم مراقبة الله عز وجل في البحث العلمي تؤثر تأثيرًا خطيرًا على البحث العلمي ويعقبها انعدام وطنية ويعقبها حرب على الإنسان الوطني المخلص الذي يعمل ويضطر لأن يهرب من الوطن العربي إلى أوروبا وأمريكا. كم من الطيور المهاجرة من العلماء خرجت ولم تعد مرة أخرى؟ كم أحبطت لعدم توفر المناخ المناسب ليس من الدول ولكن من الزملاء، العالم العربي رغم أن البطالة من قبل خريجي الكليات العلمية وصلت للملايين ولكننا لا نملك حتى عشرات الفننين ومساعدي البحوث المدربين والمؤهلين وهم اليد اليمنى للبروفسور وطلاب المدرسة العلمية، وذلك للأسباب الآتية: 1. ضعف التعليم في المدارس سبب كارثة في المستوى العام للطلاب الجامعي، وأثر ذلك في الأستاذ الجامعي. 2. القصور في المناهج الجامعية وتقنيات التعليم وافتقادها إلى الفهم، الابتكار والتدريب التقني والعملي ومجاملة الطالب أحيانًا لأنه يقيم الأستاذ. 3. عدم وجود تدريب صناعي كافٍ أيضًا بالقطاعات الخاصة. 4. عدم استعداد الطالب للتعلم والبحث لأنه لم ينشأ في المدرسة والمنزل على ذلك. 5. اعتماد الخريج وانتظاره للوظيفة من الدولة مقدمة على طبق من ذهب أمام المنزل وبعد الحصول عليها، لا يمكن فصله بسهولة ولذا لا يهم إن عمل في البحث العلمي أم لا. 6. كثير من الدول العربية تلجأ إلى التعاقد وتوظيف أعضاء هيئة تدريس وباحثين لم يسبق لهم أي خبرة في التدريس والأبحاث الأكاديمية بل غير متخصصين وبذلك يكون الطالب ومستقبل الوطن العربي هو الضحية. 7. الروتين القاتل في كثير من الأمور المتعلقة باتخاذ القرارات والاعتقاد أن اتفاقيات التعاون الدولية تثمر بما لم ينجزه الباحث في وطنه وبذالك تضيع أموال كثيرة بدون فائدة. 8. عدم توافر المناخ الذي يحوي الطاقم الكامل من ذوي الخبرات الفنية والقدرة على العمل والصمود في أداء البحث العلمي، والخطأ في تقييم الناتج. ورغم هذا الواقع الذي أشرت إليه إلا أن البنية التحتية للبحث العلمي والجامعات في عهد والدنا خادم الحرمين الشريفين خلال الخمس سنوات الماضية قد فاقت ما أنجزه رئيس وزراء ماليزيا السابق، ليس في بناء جامعة الملك عبدالله فقط ولكن الجامعات الكبرى بالمملكة وحتى جامعات ناشئة مثل جامعة الطائف قد قفزت قفزة هائلة. الكفاءة البحثية والإنتاج العلمي لكثير من مراكز البحوث وبخاصة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومركز أبحاث مستشفى الملك فيصل بالرياض تنافس مثيلاتها في أمريكا وأوروبا.