يتذكر الكثير من المثقفين واللغويين والأدباء والمهتمين بشأن اللغة العربية ما قدمه الراحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز من دعم سخي لمشروع اللغة العربية في منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، وذلك لدعم اللغة العربية في مختلف نشاطات المنظمة، من خلال تعزيز الموقع الإلكتروني للغة العربية وترجمة الأبحاث والمؤلفات والجلسات والاجتماعات والتقارير الميدانية بحيث تستفيد منها الدول العربية الأعضاء في المنظمة في مجالات التربية والثقافة والعلوم. وأتى هذا الدعم من الأمير الراحل لمثل هذه المشروعات الثقافية على المستوى العالمي لإعلاء صوت الثقافة العربية وجعلها ضمن مسارها المعرفي الحقيقي الذي يليق بها، وإتاحة الفرصة للمؤسسات الدولية حتى تؤدي دورها بالشكل اللائق والعصري. واليوم وبعد أن بدأ العمل في هذا المشروع، يتذكر الجميع للراحل هذا الدعم الذي تحظى به هذه اللغة، ويذكرون الفضل له حتى بعد رحيله، فرحم الله سلطان الخير والعطاء. الراحل قيمة ثقافية بداية تحدث رئيس تحرير الموسوعة العربية العالمية الدكتور أحمد الشويخات، فقال: ليس بغريب على الأمير سلطان -يرحمه الله- هذا الدعم لمثل هذه المشروعات، فالراحل قيمة ثقافية ويشهد له بذلك دعمه لأول موسوعة عربية شاملة استمر فيها العمل أكثر من العقد ونصف العقد من الزمان، وكذلك ما تقدمه مؤسسة الأمير سلطان الخيرية من دعم وبخاصة لدعم قضايا عربية كثيرة من ضمنها اللغة العربية في جامعة بركلي، وعدد من الإسهامات الكثيرة العالمية في جامعات الشرق والجامعات الأوروبية، ونحتاج إلى المزيد كذلك من مثل هذا الدعم لمزيد من العلاقات الثقافية والعلمية مع جامعات العالم والمراكز البحثية الثقافية الأخرى والذي يجلب لنا الاحتكاك بالعالم الخارجي والانفتاح عليه والتأثر والتأثير، فهذا ما يضمن لنا البقاء ويُعلم الآخرون بوجودنا على هذا الكون الشاسع، ويُبرز أهمية دعم اللغة العربية وقضاياها في المؤسسات والهيئات والمحافل العالمية في وجود محك حقيقي في البناء الحضاري للأمم يتوجب علينا من خلاله أن نكون داعمين للغتنا بكل ما نستطيعه وأن نقدم في سبيل ذلك الكثير والكثير من دعم للبحوث والدراسات العلمية وحتى قضايا الترجمة التي تفيد اللغة العربية وتعمل على تقريب المساحات الشاسعة بينها وبين اللغات العالمية الأخرى، وحتى بعد اعتماد اللغة العربية مؤخرًا في عدد من المنظمات العالمية كلغة أساسية في التحدث والحوار يتوجّب علينا أن نقوم بالدور المطلوب منا وأن ننسلخ عما تعودنا عليه من التحدث بلغة غيرنا في الحوار والتخاطب فيما بيننا مع بعضنا كعرب ومع غيرنا وأضاف الدكتور الشويخات: لعل مثل هذا الدعم يحفّز الميسورين ورجال الأعمال بالاقتداء بهذه المبادرة من حيث دعمهم للثقافة والتعريف بها في ظل عالم مضطرب ومأزوم، لأن المعرفة تبقى هي الأساس لخلق حوار عادل وإيجابي ومثمر بين الشعوب والحضارات. ينبغي دعم لغتنا وقال الأكاديمي بجامعة أم القرى الدكتور سعيد القرني حول هذا الدعم وقضايا العربية: لا بد أن نقدم كلمة شكر للأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز على هذا الدعم، كما ينبغي أن نتحدث عن هذه الحاجة في عصر الكشوفات العلمية ووصل العالم بعضه ببعض إلى أن صار مثل القرية الواحدة، وفي ظل ذلك ينبغي أن ندعم لغتنا بكل الوسائل، حكوميًا من خلال هذا الاتجاه ونشر لغتنا والانتساب لها بحق، وأهليًا فقد تسابق الناس اليوم في تعلم اللغة الانجليزية ولغات الأمم الغالبة مثل اللغة الفرنسية والألمانية وغيرها، ومع ذلك ينبغي أن يعي الناس إلى أن نمو الإنسان من نمو اللسان، فاللسان دليل على الإنسان، فإذا كنا نؤمن أن لغتنا مصطفاة فينبغي أن نعبّر عن أغراضنا الدنيوية والدينية فيما توفر لهذا اللسان من الصفات وهذا الأمر يحسب في تاريخ المملكة، وحتى يكون للغتنا حضور حي وتزاحم غيرها من اللغات، ووجودها بقوة في منظمة دولية تتمثل في ميثاقها الحياد، وكل إنسان فيها يسهم لأن يكون للغته حضور، فهذا يدل على صفة سيادة وريادة. اللغة والحس العربي ويؤكد الأكاديمي والناقد الدكتور سلطان القحطاني أن سمو الأمير سلطان -يرحمه الله- عوّدنا دائما على المبادرات الدائمة التي تخدم الإنسان العربي والثقافة العربية واللسان العربي ومن أقرب الأمثلة لدينا هذا التبرع السخي الذي قدمه لدعم مكانة اللغة العربية في اليونسكو ويدل دلالة واضحة على الحس العربي الإسلامي لدى سموه والاهتمام الكبير لكل ما يخدم لغة القرآن الكريم في المحافل الدولية وقد رأينا مبادراته قبل ذلك في طباعة الكتب العربية والموسوعات العربية وخير مثال لذلك موسوعة الأدب في المملكة العربية السعودية التي جمعت بين دفتيها ومجلداتها الكثيرة تاريخ الثقافة والأدب في المملكة وكم نحن بحاجة إلى مثل هذه التبرعات لترسيخ ثقافتنا ونشرها في العالم. الدعم ومجال التنمية ويقول عبدالرحيم مطلق الأحمدي (الأديب وصاحب دار المفردات للنشر): المنظمات العالمية والإنسانية تمثل -وبخاصة ما كان منها في ظل الأممالمتحدة- جسور تواصل بين الشعوب تعمّق العلاقات الإنسانية وتوطّد التواصل الثقافي بين الأمم لما يتم من خلالها من تبادل ودعم لتجارب وخبرات الشعوب، ومن تعميق لهذه الروافد، وتمثّل الإسهامات المقدمة لدعم هذه المنظمات مستوى رفيعًا من الوعي الثقافي والتقدّم الحضاري لدى المساهمين في تعزيز مسيرة هذه المنظمات ومساعدتها على أداء رسالتها، وإذا ما نظرنا إلى الشعوب المستفيدة من خدمات هذه المنظمات لوجدنا حاجة ماسة لديها واستثمارًا لهذه المعونات ذا تأثير على تنمية مؤسساتها وخدمة أبنائها، ولا أدل على ذلك من التبرع الشخصي السخي الذي قدمه الأمير سلطان -يرحمه الله- لليونسكو. ويقول المترجم صالح محمد المطيري: أولا أحب أن أشير إلى أن دعم سمو الأمير الراحل لواقع اللغة العربية ودورها الثقافي وتنشيط حركة الترجمة ليس جديدًا ولا وليد اللحظة الراهنة، فقد سبق له أن رعى وتبنى مشروعات ثقافية كبيرة على الصعيد اللغوي، ولعلنا لا ننسى رعايته لمشروع الموسوعة العربية العالمية، والتي كان للترجمة إلى العربية فيها دور كبير خاصة بالاعتماد على موسوعة الكتاب العالمي (World Book Encyclopedia)، مع تحرير وزيادة موضوعات جمة متعلقة بالثقافة العربية والإسلامية، ويأتي هذا الدعم الأخير في السياق ذاته، مواصلًا العناية والاهتمام باللغة العربية وحركة الترجمة، وكذلك على الصعيدين المحلي والعربي نجد جهات ثقافية أخرى لها يد لا يمكن تجاهلها في دعم الدراسات اللغوية وتنشيط مسيرة الترجمة وإثراء التواصل الثقافي بواسطة اللغة العربية ونشر الوعي القرائي في المجتمع أي تنمية الرغبة في القراءة، ومن هذه الجهات مركز الملك فيصل بالرياض.