قرأت مؤخرا تقريرا أصدرته مؤسسة ماكينزي العالمية التي تختص بشؤون التعليم أشار إلى أن المملكة تحتل احد الثلاثة مراكز الأخيرة في الرياضيات ، واحد المراكز السبع الأخيرة في العلوم ، تحدث التقرير عن أوضاع التعليم في دول الخليج والعالم العربي بكثير من السلبية ، نعلم عموما بان مستوى التعليم في الوطن العربي منخفض عالميا ، ولكنني وبكل صراحة لم أتوقع إننا بهذا المستوى السيئ ، وبكل ذهول تساءلت هل يعلم مسئولو التعليم لدينا شيئا عن مثل هذه التقارير ؟! ... ولا شك ان عملية تطوير التعليم بكافة مراحله من الأولويات التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين ووجه المسئولين بالاهتمام بها ، وقد رصدت لها الدولة إمكانيات كبيرة وضخمة ، لمعرفتها بان التعليم وخاصة في مراحله الأولى هو أساس التقدم والنهضة لأي مجتمع فهو الأساس لجيل الغد لبناء مستقبل الأمة ، وبدون وجود مؤسسات تعليمية قوية لا يمكن ان نواكب التطوير ، فدول مثل شرق آسيا واستراليا كان من أسباب تقدمها ونهضتها وبشكل سريع هو استثمارها الفعال في التعليم المتميز ، واعتقد إن من أهم مقومات تطوير العملية التعليمية تكمن في تطوير أداء المعلمين ورفع مستواهم ليواكب التطورات التي تشهدها مناحي الحياة ، فهم يشكلون جوهر العملية التعليمية ، فمن خلال استقراء الدراسات الخاصة بالتعليم أثبتت إن مستوى التحصيل العلمي لا يمكن أن يكون أفضل من مستوى المعلم ، فلو أخذنا وعلى سبيل المثال عينة من طالبين في نفس المستوى نجد أن الطالب الذي يحظي بمدرسين على مستوى عال يتفوق فيما نجد الآخر الذي لا يحظي بتلك الميزة ينخفض مستواه ... إن من يتتبع مسيرة التعليم لدينا ومنذ أمد بعيد يجد إننا كنا نعتمد وبشكل كبير على معلمين من بعض الدول العربية كانوا يعملون بكل حرفية وجودة في إيصال المعلومة للمتلقي وخاصة في مواد مثل الرياضيات والعلوم واللغة الانجليزية ، وعندما بدأنا بالاكتفاء بالسعوديين وهو أمر طبيعي أن نعتمد على أنفسنا في تدريس أبنائنا كانت هناك فجوة كبيرة تم ردمها من خلال عملية الإحلال بطريقة سريعة ويمكن ان تكون غير مدروسة ، افتقرت إلى الإعداد الجيد لهؤلاء المعلمين من خلال وضع خطط لوسائل تهيئتهم وتدريبهم وبما يتماشى مع الوسائل العصرية والحديثة ، فنجد ان المدرس ظل قابعا ضمن إطار مناهج وطرق تدريس اكل عليها الزمن وشرب ... في الوقت الذي تطور فيه جيلنا الناشئ من حيث تعامله مع ثورات التكنولوجيا ووسائل الاتصال والانترنت وخاصة ثقافة البحث والفكر ، مما خلق وبطبيعة الحال هوة شاسعة بين فكر المعلم وتطلعات التلميذ ، فالطالب يحتاج إلى طرق تعليمية تعتمد على تشجيعه على البحث مما ينمى فيه الاعتماد على الذات ويخلق فيه الإبداع والتميز ، اعتقد انه من المناسب أن ننظر بأهمية كبيرة وبصورة عاجلة وملحة إلى معالجة هذا الموضوع ... ويمكن أن تكون في إطار حلول مقترحة من ضمنها : إعداد خطة لتهيئة المعلمين الجدد من خلال ابتعاث المعلمين وعلى دفعات لدورات متخصصة في معاهد تعنى بتدريبهم على احدث أساليب وطرق التدريس الحديثة وبالنسبة للمعلمين الذين هم على رأس العمل فيمكن التعاقد مع معاهد عالمية لاعطائهم دورات تخصصية داخل المملكة خلال موسم الصيف وتكون ملزمة لكل معلم ليرتقي بأسلوبه وادائه ويواكب تطورات التعليم الحديث .... إن المشكلة التي نعانيها والمتمثلة في انخفاض مستوى التعليم لدينا لا ترتكز أساسا على المناهج والمباني فقط فهى جزء ولكن الجزء الأهم هو المعلم ، فدعونا نهتم به ونطوره وبأية طريقة ترونها لتتطور أجيالنا وعقولنا ...