عُرِف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيّده الله تعالى- بحبّه للعلم، ودعمه الكبير لميادين التعليم قاطبة؛ وقد تحقق في عهده التنويري والتثقيفي العديد من المنجزات التعليمية سامقة المستوى، وعظيمة التوجّه، ممّا أسس لعهد انفتاحي يرعى البيئة التعليمية، وينهض بها إلى مستوى العالمية المنشودة. ومؤخّرًا جاءت موافقته الكريمة على إنشاء جامعة سعودية إلكترونية؛ لتؤكد على أن عهده زاخر بالجديد والمفيد من فضاءات العلم، ومنارات المعرفة، كما جاءت لتبرهن على أن فكره ماضٍ في توجّه تنويري يرتقي بأساليب التعليم التي تواكب معطيات العصر التعليمي الحديث، وتتماشى مع المناهج التعليمية التي تبناها العالم المتقدم والراقي من حولنا. والحق أن الملك عبدالله، الرجل المثقف، والخبير المحنك يُدرك بقيادته الفذّة حاجة المجتمعات والأمم إلى مجال تعليمي وتنويري منفتح، يعتمد المسار التقني الحديث في تطوير الكفاءات، وصقل المواهب، وكذلك الحاجة إلى الإعداد لجيل واعٍ ومثقف مُلمٍّ بأنماط التحضُّر العلمي على أصوله، التي سبقتنا فيها الأمم الأخرى، التي ركّزت على دعم الكفاءات، وجودة المخرّجات التعليمية بدلاً من الاعتماد على الأنماط التقليدية السائدة التي تبنت منهج الحفظ والتلقين؛ دون النظر إلى التطورات التي صاحبت المسيرة التعليمية في البلدان المتقدمة ثقافيًّا وفكريًّا وصناعيًّا. شكرًا يا خادم الحرمين، يا راعي العلم، ومناصر الفكر والانفتاح التعليمي الجديد، شكرًا على ذلك الاحتضان للمنهج الجديد، وإقراره في السعودية التي يجب حقًّا أن تلحق بالركب، وتسابق الزمن في نهضتها التعليمية. والآن جاء دور رجال التعليم ليتماهوا مع ذلك القرار العصري، حيث لا مناص من الإيمان به، ودعم مناهجه الحديثة حتى على مستوى الدراسات العليا، وحتمًا إنه زمن التعليم الجديد، وزمن الفكر والكفاءات المثقفة والمبدعة؛ وآن الأوان لكي نعترف بمناهج العلم الحديث بكل طرقه ووسائله؛ لأن التمسّك بالأساليب البحثية القديمة في النسخ، والحفظ، والنقل، والتلقين لن يفضي إلى رقي مدني وعلمي؛ ولن يمكّن المجتمع التعليمي من استيعاب نظام عصر الإنترنت، وأنظمة الاتصال الحديثة.