أكد الدكتور عبدالناصر بن عبدالرحمن الزهراني (رئيس قسم التراث والإرشاد السياحي بكلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود) أهمية التراث العمراني، معتبرًا أنه أحد أهم جوانب التراث الحضاري الذي تعتز وتفتخر به كل أمة، لما يبرزه من صور أصيلة من حضارتها، ولكونه ترجمة صادقة لكل ما وصلت إليه الشعوب من تقدم في مجالات الحياة المتنوعة، موضحًا أن معالم التراث العمراني تعبّر بصدق عن الإرث الثقافي والحضاري والمعماري للأمم والشعوب، وتمثل شاهدًا حيًا على أصالة العمراني وعراقته وارتباطه الوثيق بالبيئة المحلية والعادات والتقاليد المتوراثة، فهو يشكل عنصرًا مهمًا من عناصر الهوية الثقافية والمعمارية، كما أنه يمثل ذاكرة الأمة بكل ما فيها من أحداث على مرّ التاريخ. وقال: بجانب كل ما سبق هناك أهمية أخرى للتراث العمراني في الناحية العلمية وهي الأهمية التعليمية من خلال تعريف الدراسين الأشخاص المهمين والأماكن والأحداث التاريخية المؤثرة في تاريخ بلدانهم، وهناك أيضًا الجوانب الاقتصادية ففي الأماكن التي تهيمن فيها الجوانب التراثية على السياحة يمكن أن يكون التأثير الاقتصادي كبيرًا جدًا من خلال إيجاد فرص العمل وزيادة الدخل الوطني وتحفيز النشاط التجاري المحلي، وكذلك الناحية الجمالية والفنية حيث تعدّ الكثير من المواقع التراثية المحافظ عليها في جميع أنحاء العالم أمثلة رائعة للقيمة الفنية والإنجازات الإبداعية. وشدّد الزهراني على أن نهضة الشعوب لا تقاس بما وصلت إليه من تطور عمراني وحضاري فحسب، وإنما تقاس بحفظها على تراثها العمراني والثقافي، داعيًا إلى الحفاظ على التراث العمراني بالمملكة وإبراز أهميته وقيمته ومعاينة ودلالاته المتعددة والمتنوعة، مبيّنًا أن المملكة تتمتع بتنوع التراث العمراني على نطاق مناطقها الإدارية المختلفة سواء الساحلية أو الصحراوية أو الجبلية من خلال معرفة هذا التراث ورصده وتوثيقه، مشيدًا في هذا الصدد بتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لأصحاب السمو أمراء المناطق بعدم إزالة أي مبنى تراثي إلّا بعد التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، وذلك للتأكيد على أهميته التاريخية والعمرانية والإبلاغ عن أي تعديات أو إزالة للمباني التراثية. موضحًا أن الحكومة اتخذت العديد من الخطوات في سبيل الحفاظ على التراث العمراني، ومنها: توجيه الملك فهد رحمه الله لوزير الشؤون البلدية والقروية بأن تحتفظ كل مدينة وبلدة بحيّها التقليدي، ومشروع الجنادرية والقرى الشعبية، وجائزة الملك فهد للعمارة الإسلامية، وجائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني، وتسجيل مدائن صالح وحي الطريف في الدرعية ضمن المواقع التراثية العالمية لليونسكو. واعتبر الزهراني أن من أهم إنجازات الهيئة العامة للسياحة والآثار في مجال التراث العمراني هو تكوين قاعدة بيانات كاملة لمواقع التراث العمراني، ووضع وتبني المعايير التي تضمن حماية وصيانة مواقع التراث العربي والإسلامي ووضع قانون حماية وصيانة وتطوير التراث العمراني، ووضع معايير تصنيف مواقع التراث العمراني (UHSCC)، وتنظيم المؤتمرات الدولية لحماية التراث العمراني وتنميته، وتنفيذ مشاريع الفنادق التراثية، والتعاون مع أفراد المجتمع لإعادة تأهيل القرى القديمة وحمايتها.